وأقول : إنّ الوجه المطلوب منه هو أنّ قبول الأصحاب يقتضي العمل بخبر الواحد ، لكن لمّا جعله قسيماً للقرائن علم أنّه ليس من جملتها .
فإن اُريد الأصحاب جميعهم كان إجماعاً ، والشيخ هنا عدّ الإجماع من جملة القرائن ، والأمر سهل .
وإن كان مراد المحقق الشهرة بين الأصحاب لا الإجماع ـ كما هو الظاهر ـ لا من حيث إنّ الإجماع إذا تحقق لا حاجة إلىٰ الخبر ، لإمكان التسديد بما تقدم القول فيه ، بل لأنّ قبول الأصحاب جميعهم للخبر يخرج عن محل النزاع ، فإنّ محل النزاع خبر الواحد المختلف فيه بين العلماء .
فإن قلت : إذا وافق الخبر الإجماع ليس هو من قسم الخبر المجمع عليه ، فكيف يذكر أوّلاً ما يدل علىٰ ذلك ؟!
قلت : لما ذكرت وجه ، إلّا أنّ الحكم في العمل لا يختلف ، وإن تغاير في الاعتبار .
ثم إنّ كلام المحقق (١) إذا حمل علىٰ موافقة بعض العلماء ؛ علىٰ أن يكونوا أكثر ، ليفيد الظنّ الراجح بصحة الخبر ؛ أمكن ، لكن ينبغي أن يقيّد بمن قبل الشيخ ، فإنّ مَنْ بعد الشيخ لا تثمر شهرتهم (٢) نفعاً ، كما يعلمه من وقف علىٰ كلام جدي ـ قدسسره ـ في شرح البداية (٣) .
وما قاله من القرائن وإنّ أجمله في المقام ، إلّا أنّه في رسالة الاُصول ذكر أنّ القرائن أربع ، أحدها : الموافقة لدليل العقل ، وثانيها : الموافقة لنص الكتاب خصوصه أو عمومه أو فحواه ، وثالثها : الموافقة للسنّة المقطوع بها
__________________
(١) المتقدم في ص ١٩ .
(٢) في « فض » زيادة : بهم .
(٣) الدراية : ٢٧ .