الإثبات ، فإنَّ حصول ظنّ الضرر ـ مع عدم العلم بنصب الشارع خبر الواحد ـ أصلُ الدعوىٰ .
وحاصل الأمر أنّ ظنّ الضرر إنّما يتحقق لو ساغ العمل بالظنّ ، لكن دليل العمل بالظنّ غير واضح ، والإجماع إنّما انعقد علىٰ أشياء خاصة ، وخبر الواحد محل الخلاف ، فإذا قيل : دفع الضرر المظنون واجب ؛ سلّمناه ، لكن الضرر لا يحصل في ترك العمل بخبر الواحد إلّا إذا قام دليل قطعي علىٰ العمل به ؛ إذ الظنّي علىٰ الظنّي دور واضح ، ولا يلزم مثله في الفروع ؛ لأنّ دليله الإجماع ، وهو قطعي .
نعم قد يشكل العمل في الاُصول بالظنّ ؛ لأنّه ظنّي ( علىٰ ظنّي ) (١) ، فكلّما يجاب عن ذلك هو الجواب عن خبر الواحد .
وقد يقال : إنّ الكلام في خصوص هذا الدليل ، وإذا خرجنا عنه أمكن أن يقال : إنّ الدليل يحقق التكليف ، فإذا تعذّر غير الظنّ تعيّن الظنّ ، فليتأمّل .
أمّا ما اعترض به السيد علىٰ الدليل ـ من الانتقاض بخبر الفاسق والكافر (٢) ـ فدفعه ظاهر ؛ لأنّ الشارع قد علم منه المنع في هذين ، فتأمّل .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ غايةَ ما يستفاد من الدليل المذكور ـ وهو دفع الضرر المظنون ـ العملُ بالخبر من دون المعارض ، أمّا معه فالظنّ بعيد الحصول .
وعلىٰ تقدير العمل أقول : يشكل كلام الشيخ ـ رحمهالله ـ فيما إذا كان أحدهما موافقاً للأصل ، فقد تقدّم منه (٣) أنّ ما وافق دليل العقل ألحق الخبر
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « رض » و « فض » .
(٢) الذريعة إلىٰ اُصول الشريعة ٢ : ٥٥٠ .
(٣) راجع ص ١٣ .