إلّا أنّ التعبير بالصواب لا يخلو من منافرة .
وغير بعيد أنّ يحصل الثواب لكل منهما إذا حصل الإخلاص في العمل ، وإن لم يكن الفعل مطابقاً للواقع ؛ كما يقتضيه تتبّع الآثار الواردة في الأحكام الشرعية والآيات القرآنية .
وربما يقال : إنّ ثمرة الخلاف بين المصوِّبة وغيرهم هيّنة ، ولتحقيق القول محل آخر ، هذا .
وفي الاُصول : قد اختلف العلماء فيما إذا كان أحد الخبرين حاظراً والآخر مبيحاً .
فالذي عليه البعض التوقف ، وهو ظاهر المحقق في رسالته الاُصولية (١) .
وبعض رجّح المحرِّم ، واختاره العلّامة في تهذيبه والعضد (٢) وابن الحاجب (٣) .
وظاهر كلام الشيخ كما ترىٰ التخيير .
أقول : ولا يخفىٰ ـ بعد ملاحظة ما قدمناه ـ أنّ الشيخ لا يتناول كلامه صورة تعارض الخبرين بين الحظر والإباحة ؛ لأنّ الخبر الدال علىٰ الإباحة
__________________
(١) معارج الاُصول : ١٥٧ .
(٢) في شرح مختصر ابن الحاجب ٢ : ٤٩١ . والعضد : هو القاضي عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفّار ، أبو الفضل عضد الدين الإيجي الفارسي الشافعي ، المتوفىٰ سنة ٧٥٦ هـ ، كان عالماً بالاُصول والمعاني والعربية . أعلام الزركلي ٣ : ٢٩٥ ، الكنىٰ والألقاب ٢ : ٤٣١ .
(٣) في مختصر منتهىٰ السؤول والأمل في علمي الاُصول والجدل ٢ : ٤٩١ ، وهو : أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس جمال الدين ابن الحاجب الاسنوي المالكي ، كردي الأصل ، كان من كبار العلماء بالعربية . ( ٥٧٠ ـ ٦٤٦ هـ ) . أعلام الزركلي ٤ : ٢١١ ، الكنىٰ والألقاب ١ : ٢٤٤ .