ولا ريب أنّ انصراف الماء إلىٰ البئر في الحديث السابق بعيد جدّاً ، وفي هذا الحديث لو اعتبر العموم بما ذكر أمكن القول باندفاع منافاة الحكمة بالأفراد الكثيرة للمحقون .
ويمكن الجواب عن ذلك : بمنع ظهور غير ماء البئر بل هو متساوٍ .
ولا يتوجه أن يقال : إنّ الماء في الحديث يتناول الجاري حينئذ ، فيدل بمفهومه علىٰ نجاسة القليل منه .
لأنّه قد اُجيب عن ذلك : بأنّ التعليل في حديث محمد بن إسماعيل لا يوافقه .
والوالد ـ قدسسره ـ قال في الجواب : إنّ العموم في الأحاديث مخصوص بصحيح ابن بزيع ؛ لدلالته علىٰ أنّ وجود المادّة سبب في نفي الانفعال بالملاقاة ، فلو كانت الكريّة معتبرة في ذي المادّة لكانت هي السبب في عدم الانفعال ، فلا يبقىٰ للتعليل بالمادّة معنىٰ (١) .
وقد يقال : إنّ التعليل بالمادّة لو اختصّ بعدم النجاسة كان الجواب متوجهاً ، أمّا لو عاد إلىٰ طيب الطعم ـ كما ذكره شيخنا البهائي (٢) أيّده الله ـ لا يتمّ الجواب .
لكن لا يخفىٰ أنّ تحقيق الكلام لا يتمّ إلّا بذكر خبر ابن بزيع ، وسيأتي إن شاء الله في بابه (٣) ، وإنّما قدّمنا هذا القول للتعلّق بهذين الخبرين في الجملة .
__________________
(١) معالم الفقه : ١١١ .
(٢) الحبل المتين : ١١٧ .
(٣) يأتي في ص ٢٥٨ .