في ذلك جملة من الكتب والاُصول ، باذلين وسعهم في إثبات كل مسموع ومنقول ، غير أنّ أهل البغي لمّا قصدوا إطفاء نور الصواب ذهب كثير من الكتب المؤلّفة فيما مضىٰ من الأحقاب ، وإن كان الله سبحانه متمّ نوره ولو كره المشركون ، فلا جرم بقي من ذلك مناهج يسلكها السالكون .
ولمّا كان كتاب الاستبصار في الجمع بين مختلف الأخبار من أجلّ كتب الحديث شأناً ، وأرفعها قدراً ومكاناً ، وأتمّها دليلاً وبرهاناً ، وكيف لا ؟! وهو من مؤلّفات شيخ الطائفة ، وعماد الإيمان ، المستغني بوضوح كماله عن البيان ، أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدّس الله روحه ونوّر ضريحه .
ثم إنّ الكتاب لا تخلو عباراته غالباً من الإجمال علىٰ وجه لا يتضح منها للطالب حقيقة الحال .
فأحببت أنْ أكتب عليه شرحاً يوضح منه المرام ، ويكشف عن وجه حقائقه نقاب الإبهام ، ذاكراً فيه ما استفدته من مشايخي الأجلّاء المعاصرين ، وإن كنت أَعُدُّ نفسي بالنسبة إلىٰ هذا المقصد من جملة القاصرين ، غير أنّ الميسور لا يسقط بالمعسور كما هو بين الناس معدود من المشهور ، وأنا أتوسل إلىٰ الله سبحانه أن يجعل أوقاتي مصروفة في موجبات ثوابه ، وأعمالي سالمة من التلبّس بأسباب عقابه ، وأنْ يوفّقني بمنّه لإتمام هذا الشرح علىٰ ما هو مقصودي ، ويجود عليّ بالجنة جزاء بذل مجهودي .
وقد رأيت أنْ أنظم ما أكتبه في سلك يقرّب المعاني إلىٰ الأفهام ، ويبعّد الغموض الذي قد يسبق منه الشك إلىٰ بعض الأوهام ، فابتدأت أوّلاً بالكلام في سند الأخبار ، ثم أتبعته بالقول في المتن موضحاً ما فيه من