وممّا يؤيّد ما ذكرناه قول أصحاب الرجال : فلانٌ ثقة صحيح الحديث ؛ فإنّ الظاهر من صحيح الحديث ـ الزائد علىٰ التوثيق ـ أنّ المراد به بيان عدم الاكتفاء بكون الرجل ثقة في العمل بالخبر .
فإن قلت : الفرق بين صحيح الحديث وبين من اُجمع علىٰ تصحيح ما يصح عنه واضح ؛ لأنّ صحيح الحديث لا يزيد علىٰ التوثيق بالواحد بخلاف الإجماع علىٰ تصحيح ما يصح عن الرجل .
قلت : الغرض ممّا ذكرناه بيان الجمع بين التوثيق ولفظ صحيح الحديث ، وما ذكرت من الفرق إنّما يتمّ لو كان الإجماع متحققاً ، علىٰ معنىٰ حصول الإجماع الحقيقي وثبوته ، أمّا المنقول فهو خبر في المعنىٰ ، وحينئذ لا يتفاوت الحال بين صحيح الحديث والإجماع علىٰ تصحيح ما يصح عن الرجل .
وبالجملة فالمقصود أنّ الظاهر إرادة بيان القرائن العاضدة (١) للأخبار المقتضية للعمل ، فينبغي التأمّل في هذا كله .
ولعلّ قائلاً يقول : إنّ كلام الشيخ لا يضرّ بالحال ؛ لاحتمال عدم ظنّه لما فهمه البعض . وفيه ما لا يخفىٰ .
أقول : وممّا يؤيّد ما ذكرته أنّ محمد بن أبي عمير من جملة من أجمع الأصحاب علىٰ تصحيح ما يصح عنه (٢) ، والكلام في مراسيله كثير ، من أنّه لا يروي إلّا عن ثقة ، والمناقشة بعدم العلم بهذا ، ونحو ذلك ـ كما سيأتي إنّ شاء الله فيه القول ـ (٣) فلو كان المراد بالإجماع علىٰ تصحيح ما يصح عن الرجل ما قاله القائل ، لا حاجة إلىٰ التوقّف في مراسيل ابن أبي عمير ، كما
__________________
(١) في « د » : العامّة .
(٢) رجال الكشي ٢ : ٨٣٠ .
(٣) في ص ١٠٢ ـ ١٠٣ .