والكرم تامة لاحتياج أهلها إلى تناولها ، ولا كذلك الفريك فإن الحاجة إليه قليلة ، وفيه منع قلة الاحتياج قبل التصفية ، بل في كشف الأستاذ في عدمه فيها حرج وضيق ، ولذا جوزه فيها أجمع ، بل احتمل قويا جوازه فيما تعلق به الزكاة استحبابا مما يدخله الكيل والوزن محافظة على السنة ، ولما سمعته من انسياق الاتحاد في الكيفية في الواجب والندب ، بل يمكن دعوى الأولوية فيه من الواجب ، إلا أنه لا يخلو من إشكال ، نعم قد يقوى جوازه في متعلق الوجوب لما عرفت ، ولما في صحيح سعد (١) الآخر المتقدم سابقا الذي قد سأل فيه أبو بصير أبا الحسن عليهالسلام « عن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب متى تجب على صاحبها فقال : إذا صرم وإذا خرص » وظاهره كون ذلك للجميع ، ولأنه من معقد إجماع الخلاف ، ولغير ذلك.
وفائدة الخرص أن للمالك مع قبوله التصرف كيف شاء ، بخلاف ما إذا لم يقبل فإنه لا يجوز له التصرف فيه على ما نص عليه جماعة ، لكن قد يقوى جوازه مع الضبط ووقته حين بدو الصلاح على ما صرح به جماعة ، بل في مفتاح الكرامة كأنه مما لا ريب فيه ، وقد سمعت دعوى ظهور الإجماع عليه من شرح الأستاذ للمفاتيح ، إلا أنه قد يشكل ذلك بعدم موافقته للقول بكون حد الزكاة التسمية لا بدو الصلاح ، ومن الغريب وقوع ذلك من المصنف مع أنه ممن يختار التسمية محتاجا عليه بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة خارصا للنخل حين يطيب (٢) ويمكن أن يكون قد ذكر ذلك بناء على أن حدها بدو الصلاح ، فلاحظ وتأمل ، وقد تقدم منا سابقا ما له نفع في المقام.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ١ وفيه « عن سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : سألته » وليس فيه ذكر عن أبي بصير وهو الصحيح كما تقدم في ص ٢١٧.
(٢) سنن البيهقي ج ٤ ص ١٤٣.