أن يدفع من أفرادها بقصد جعل بعضه قيمة عن فرد آخر ، ضرورة عدم صدق الامتثال معه ، لا أقل من الشك ، فيبقى استصحاب الشغل بحاله ، نعم له أن يصالح الفقير مثلا عن بعض بقيمة في الذمة ثم يحتسبها قيمة عن الفرد الأدنى ، وفرق واضح بين المقامين ، بل ينقدح من ذلك عدم جواز دفع الأدنى قيمة عن الأعلى بناء على كونه أحد الأفراد المجزية ، لما عرفت ، وإن كان هو زائدا عن الفريضة ، كما لو دفع دينارا تاما أدنى عن نصف دينار جيد ، وكان فرضه النصف ، لكن الظاهر إجزاؤه باعتبار كونه الفريضة وزيادة ، وقصد المكلف أنه قيمة عن الأعلى لا يقدح في الاجزاء وإن لم يتم له ما قصده ومن ذلك يظهر لك ما في المدارك وغيرها من جواز دفع الأدنى قيمة دون العكس ، فلاحظ وتأمل جيدا.
المسألة الثانية الدراهم المغشوشة مثلا بما يخرجها عن اسم الفضة الخالصة ولو الردية لا زكاة فيها حتى يبلغ خالصها نصابا بلا خلاف أجده فيما قبل الغاية ولا بعدها بل الأول من الواضحات ، وأما الثاني فقد يتأمل فيه باعتبار أن الزكاة إنما تجب في الفضة والذهب المسكوكين دراهم ودنانير ، والمركب من كل منهما وغيره خارج عن الاسم ، فلا تتعلق به الزكاة ، بل قد يمنع صدق اسم الدراهم والدنانير على غير الخالص حقيقة ، لكن قد يدفع ـ بعد عدم الخلاف فيه ، بل نسبه غير واحد إلى الأصحاب مشعراً بالإجماع عليه ـ بخبر زيد الصائغ (١) الآتي المنجبر بعمل الأصحاب ، ويمنع عدم صدق الدرهم والدينار حقيقة على ذلك ، خصوصا بعد غلبة الغش في الدراهم وتعارفه ، فيتحصل حينئذ مما دل على الزكاة في الدراهم مثلا ـ الشامل لهذه الأفراد وإن كانت نادرة ، لأنه من العموم اللغوي ، ومما دل على أن لا زكاة في غير الفضة والذهب ـ أنه متى بلغ ما فيها من الفضة نصابا وجبت الزكاة فيها ، وأنه متى وقعت السكة عليها ولو في ضمن غيرها
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب زكاة الذهب والفضة ـ الحديث ١.