يكن ولي جاز أن يدفع إلى من يقوم بأمره ويعتني بحاله » وفي المدارك « أن مقتضى كلامه جواز الدفع إلى غير ولي الطفل إذا لم يكن له ولي ، ولا بأس به إذا كان مأمونا بل لا يبعد جواز تسليمها إلى الطفل بحيث تصرف في وجه يسوغ للولي صرفها فيه ، وحكم المجنون حكم الطفل ، أما السفيه فإنه يجوز الدفع اليه وإن تعلق الحجر به بعد قبضه » وعن الكركي في فوائده على الكتاب والكفاية وشرح المفاتيح للمولى الأكبر موافقته على جواز الدفع لغير الولي ممن يقوم بأمره مع عدم الولي ، بل ربما ظهر من بعض المعاصرين الميل إلى جواز ذلك مع التمكن من الولي ، وهو أغرب من سابقه ، ضرورة منافاتهما معا للمعلوم من قواعد المذهب بلا مقتض عدا بعض الاعتبارات التي لا تصلح لأن تكون مدركا لحكم شرعي ، والإطلاق الذي لم يسق لإرادة تناول ذلك كما عرفت.
وأغرب من ذلك دعوى بعضهم بعد أن ذكر الحكم المزبور اتحاد حكم المجنون مع الطفل ، ومقتضاه جواز التسليم اليه مطلقا أو مع عدم الولي ، وهو كلام لا يصغى اليه ولا يستأهل التصدي للرد عليه ، خصوصا في المجنون الذي يكون حاله كحال غير المميز ولا ينافي ذلك جواز الإنفاق عليه في الأكل والكسوة من الولي أو من يقوم مقامه بعد القبض المزبور ، ضرورة كونه حينئذ أي بعد قبض الولي من أمواله التي حكمها ذلك ، بخلافه قبل القبض ، فان الكلام في أن قبضه نفسه يصيره مالا له ، بل لا ينافي ذلك الإنفاق عليه من سهم سبيل الله ، فإنه لا يعتبر فيه الملكية ، ومحل النية بناء على ما قلناه واضح ، إذ هي حال الدفع إلى الولي ، وفي سهم السبيل عند الصرف فيه ، هذا ، وتمام البحث في أحكام الأولياء واعتبار الايمان فيهم وعدمه ، والعدالة وعدمها ، ومعلومية الإنفاق في المحل وعدمه ما لم يعلم الإنفاق في غير المحل ، ليس ذا محل ذكره ، كالبحث عن كيفية الإنفاق وأنه يراعى فيه المصلحة أو عدم المفسدة ، فيجوز حينئذ مزج نفقته