الدفع والقبض يتم الامتثال وإن لم يقصد القابض كونها زكاة ، ولا يحصل ( ولا حصل خ ل ) منافاة بين القصدين بل الظاهر الاجتزاء بذلك وإن كذب الدافع وقال : إنها ليست زكاة إلا أن القابض لم يقبضها على أنها ليست زكاة بل نوى التملك المطلق الذي يجامع كونها زكاة في الواقع ، لأن الإثم الحاصل الدافع بالكذب في إخباره لا يقدح في صدق الامتثال في الواقع ، نعم لو كان القبض على أنها ليست زكاة بل هبة أو نحوها أشكل براءة ذمة الدافع بذلك ، وأشكل دخول المدفوع في ملك القابض ، ضرورة كونه حينئذ كالذي لم ينو التملك ، لأن ما نواه لم يسلم له في الواقع ، والاكتفاء بمجرد القبض ولو كان مجردا عن النية لا يخلو من إشكال ، لاستصحاب الشغل وعدم الدخول في ملك الفقير ، ولو صح ذلك لجاز دسها في مال الفقير من غير علم ، وأشكل منه الاكتفاء بنية التملك المنافي لقصد المالك الذي لم يسلم للناوي ، ففي الحقيقة ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد ، فتأمل جيدا فان المقام محتاج إليه ، ضرورة ظهور جملة من العبارات في الاجتزاء وإن اختلف القصدان ، كعبارة اللمعة ونحوها مما صرح فيها بإيصالها على وجه الهدية القاضي غالبا بكون قصد القابض ما ظهر له من الاهداء ، فينافي كونها زكاة ، والله أعلم.
وكيف كان ف( لو دفعها ) أي الزكاة اليه على أنه فقير فبان غنيا ارتجعت منه مع التمكن مع بقاء العين أو تلفها مع علم القابض بكونها زكاة ، لكونه حينئذ غاصبا ، فيجري عليه حكمه حتى لو كان جاهلا بحرمة دفع الزكاة للغني ، إذ هو جهل بالحكم الشرعي لا يعذر فيه بالنسبة إلى الضمان ، بل الظاهر ذلك أيضا لو دفعها اليه على أنه غني جاهلا بحرمة الزكاة على الغني أو عالما وتعمد الدفع ، ضرورة تحقق العدوان في استيلاء يده على كل حال كالمقبوض بالمعاملة الفاسدة مع علم الدافع بالفساد وجهل المدفوع اليه ، فضلا عن حال علمهما معا أو جهلهما معا أو جهل الدافع وعلم المدفوع إليه ، لأن الفرض كون الدفع على وجه الزكاة ، فإذنه حينئذ مقيدة بذلك ، وعلمه بعدم تحقق القيد