شرعا لا ينافي التقييد به كي يتفرع عليه الضمان ونحوه ، ولا غرور منه بعد الأخبار بأنه زكاة ، وإنما غره جهله بالحكم الشرعي ، فلا يعذر فيه ، وبالجملة فساد الدفع يقضي بعدم ترتب أثر الدفع الصحيح عليه ، وإرجاع بعض الصور السابقة إلى الهبة أو نحوها مع عدم قصد الدافع لها كما هو الفرض واضح الفساد.
هذا كله مع علم المدفوع إليه بأنها زكاة ، أما مع جهله فعن المصنف في المعتبر القطع بعدم جواز ارتجاع العين معللا له بأن الظاهر كونها صدقة أي مندوبة ، وفيه أن الدفع بنفسه أعم من ذلك ، وعن المنتهى ذلك أيضا معللا له بأن الدفع محتمل للوجوب والتطوع ، وفيه أن الاحتمال لا يثبت المطلوب هنا ، وحمل فعل المسلم على الصحة كما ترى بعد التصريح من الفاعل بما يقتضي الفساد ، وهو المؤتمن على فعله وأبصر به ، لأنه لا يعلم إلا من قبله ، والفرض أن المدفوع اليه لم يعارضه بأن ادعى عليه إظهار كونه هبة أو نحوها وإلا كان من مدعي الصحة والفساد يقدم الأول بيمينه على الثاني ، أما في الفرض فالمتجه العكس ، وفرق واضح بين ذلك وبين المعاملة الواقعة من الطرفين إذا ادعى أحدهما صحتها والآخر فسادها ، لاتحاد المعاملة المتنازع فيها ، واختلاف وجهها ، والأصل صحة فعل كل منهما ، ودعوى أحدهما فساد فعله بحيث يسري إلى فساد فعل الآخر مخالفة للأصل المزبور ، فكان القول قول الموافق للأصل دونه ، بخلاف ما نحن فيه الذي قبض المدفوع اليه فيه من توابع فعل الدافع ، فتأمل جيدا فإنه دقيق.
نعم قد يتجه عدم الرجوع مع التلف باعتبار كونه كالغار له ، فهو أقوى منه في الإتلاف ، ولعله إلى ذلك مال سيد المدارك ، فإنه ـ بعد أن حكى عن المعتبر والمنتهى ما سمعت ، وعن التذكرة « أنه استقرب جواز الاسترجاع لفساد الدفع ، ولأنه أبصر بنيته » ـ قال : « وهو جيد مع بقاء العين ، وانتفاء القرائن الدالة على كون المدفوع