وما في خبر إبراهيم بن محمد بن عبد الله الجعفري (١) قال : « كنا نمر ونحن صبيان ونشرب من ماء في المسجد من ماء الصدقة فدعانا جعفر بن محمد عليهماالسلام فقال : يا بني لا تشربوا من هذا الماء واشربوا من ماء أبي » يمكن حمله على ماء أشتري بمال الزكاة ، أو أن المراد ترجيح الشرب من مائه لا على تحريم الماء الآخر ، أو غير ذلك ، لما عرفت من أنه لا إشكال نصا وفتوى في عدم حرمة المندوبة عليهم ، مضافا إلى ما دل على رجحان برهم وإعانتهم والإحسان إليهم ونحو ذلك من غير فرق بين أفراد ذلك فيشمل حينئذ الصدقة المندوبة وإفراضهم والاهداء إليهم والوقف عليهم ونحوها ، بل ربما قيل : إن الكل من قسم الصدقة ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) : « كل معروف صدقة » وإن كان فيه ما فيه ، والخبر محمول على إرادة التشبيه بالنسبة إلى الثواب ونحوه ، لا أن المراد منه بيان أفراد الموضوع كما هو واضح ، وعلى كل حال فالحكم مفروغ منه.
نعم قد يتوقف في الصدقة المندوبة بالنسبة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل عن التذكرة وثاني الشهيدين حرمتها عليه ، لما فيها من الغضاضة والنقص وتسلط المتصدق وعلو مرتبته على المتصدق عليه ، وأن له المنة عليه ، ومنصب النبوة أرفع وأجل وأشرف من ذلك ، ول قوله عليهالسلام (٣) : « إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة » لكن صريح جماعة وظاهر آخرين الجواز أيضا ، بل في المعتبر نسبته إلى علمائنا وأكثر أهل العلم ، للإطلاق ، ولعل الأول أقوى بالنسبة إلى بعض أفرادها ، كالزكاة المندوبة التي هي من الأوساخ أيضا ، وبعض الصدقات الخسيسة كالتي توضع تحت رؤوس المرضى
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الصدقة.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ٦.