ولم؟ قالوا : لأنا قد فعلنا ما كان علينا أن نفعله من رفعهم إلى السلطان ، وما فعله فعليه ، قال : صدقتم وهكذا تجري الأمور ، إلى غير ذلك مما حكى عنهم في دعائم الإسلام التي صرح فيها بأن طريقة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن قام مقامه كان على نقل الصدقات وجمعها من أيدي أهلها ، وأنه لا إذن لأحد منهم في تفرقتها وتوزيعها ولعله كذلك في زمن السلطنة الربانية لا في زمن الغيبة والتقية التي قد أمرنا فيها بإخفاء الأحكام الشرعية الخفية ، فضلا عن نقل المال وجمعه المؤدي إلى استئصال الشيعة.
لكن ومع ذلك كله لا ريب في أن الأولى مع الإمكان حمل ذلك إلى الامام عليهالسلام أو نائبه ، بل عن الخلاف الإجماع عليه ، لأنه أبصر بمواقعها وأعرف بمواضعها ، وفيه رفع للتهمة وهوى النفس في التفضيل وغير ذلك وفي المتن وغيره أنه يتأكد الاستحباب في الأموال الظاهرة كالمواشي والغلات لكن في المدارك أني لم أقف على حديث يدل عليه بمنطوقه ، ولعل الوجه فيه ما يتضمنه من الإعلان بشرائع الإسلام والاقتداء بالسلف الكرام ، قلت : وهو كذلك إلا أن أمره سهل يتسامح فيه ، نعم قد فرق أبو عبيد بينهما فأوجب نقل هذه إلى الأمراء ، ولا يجزيه الدفع من نفسه إلى الفقراء مثلا ، بخلاف زكاة الذهب والفضة فجوز للمالك الأمرين ، وقال الشيخ في المحكي من مبسوطة : « والأموال على ضربين ظاهرة وباطنة ، فالباطنة الدنانير والدراهم وأموال التجارات فللمالك الخيار في هذه الأشياء بين أن يدفعها إلى الامام أو من ينوب عنه وبين أن يفرقها بنفسه على مستحقيه بلا خلاف في ذلك ، وأما زكاة الأموال الظاهرة مثل المواشي والغلات فالأفضل حملها إلى الامام إذا لم يطلبها » ولعله يريد ما في المحكي من خلافه « الأموال الباطنة لا خلاف في أنه لا يجب دفع زكاتها إلى الامام ، وصاحب المال بالخيار بين أن يؤديها للإمام وبين أن يؤديها بنفسه ، وأما الظاهرة فعندنا يجوز أن يؤديها بنفسه ـ إلى أن قال ـ : وفي القديم يجب عليه دفعها إلى