للنهي عن الدفع إلى من ليس في البلد المقتضي للفساد من جهة التعلق بالعبادة ، ومن جهة استلزامه خروج من ليس في البلد عن المستحقين ، لكنه كما ترى ، إذ قد عرفت أن العمدة في دليل حرمة النقل الفورية ، فلا نهي إلا عن التأخير ، وفي الفرض ربما يكون هو في بعض الأحوال أقرب من الإيصال إلى المستحق في البلد ، كما إذا كان له دين على شخص في غير بلده ونحو ذلك ، وأما خروج من ليس في البلد عن الاستحقاق فلا وجه له.
وعلى كل حال فقد بان لك أن مراد المصنف بغير الأفضل ما ذكرنا الذي لا ينافيه قوله بحرمة النقل ، وكذا لا ينافيه قوله ولو نقل الواجب إلى بلده ضمن حيث أنه اقتصر على الضمان دون الإثم بناء على ما في المسالك من احتمال كون المراد بالواجب في كلامه مماثلة في القدر والوصف ، وكون المراد بضمانه ذهابه من ماله وبقاء الحق في ماله أو ذمته ، لكنه كما ترى ، مع أنه خلاف الظاهر لا داعي له ، وكأن الذي دعاه إلى ذلك ظهوره في كون المنقول الواجب خاصة لا أنه في ضمن غيره ، وحينئذ لا يكون إلا بعزله الذي لا يجوز إلا مع عدم المستحق ، وحينئذ إذا نقله لا ضمان عليه ، لما عرفته سابقا ، وفيه أولا منع كون المراد الواجب خاصة ، ضرورة صدقه إذا نقل الجميع ، وثانيا منع اعتبار عدم المستحق في العزل كما هو ظاهر المعتبر وصريح التذكرة والدروس وستعرف قوته فيما يأتي ، وثالثا إمكان فرضه بالعزل مع عدم المستحق ثم وجد بعد ذلك ، فالمراد حينئذ بيان أنه لا فرق في لزوم الضمان بالنقل بين أن يكون إلى بلد المالك أو غيره ، لعموم الأدلة الدالة على ذلك.
نعم كان عليه أن يذكر الإثم مع الضمان بناء على مختاره ، ولعله تركه اعتمادا على ما سبق والأمر سهل ، هذا كله في زكاة المال ، وأما زكاة الفطرة فالأفضل أن تؤدي في بلده وإن كان له مال في غيره ، لأنها تجب في الذمة دون المال