ومن ذلك كله يظهر لك ضعف ما يحكى عن المبسوط من إطلاق كون فطرة الأبوين والأجداد والأولاد الكبار عليه مع إعسارهم ، وإن احتج له في المختلف بكونهم واجبي النفقة ، لكن قد أجاب في رده بأن الفطرة تابعة للنفقة لا لوجوبها ، وأضعف من ذلك ما يحكى عنه أيضا من أن نفقة الولد الصغير الموسر في ماله ، وفطرته على أبيه ، لأنه من عياله ، والتحقيق سقوطها عنهما ، أما الصغير فلاشتراط البلوغ ، وأما الأب فلعدم عيلولته به كما هو الفرض ، بل مما ذكرنا يظهر لك الاضطراب في كلام جملة من الأعلام حيث عللوا الحكم تارة بوجوب الإنفاق ، وأخرى بالعيلولة ، فلاحظ وتأمل.
هذا كله إذا لم يعلهما غيره ، أما إذا عالهما فلا إشكال عندنا في سقوط الفطرة حينئذ عن الزوج والسيد بناء على ما عرفت من دورانها على العيلولة ، كما لا إشكال لذلك في وجوبها على العائل مع يساره ، لإطلاق ما دل على وجوبها عليه ، نعم قد يشكل ذلك بناء على اقتضاء الزوجية والمملوكية وجوب الفطرة ، ضرورة تحقق سببي الوجوب فيهما ، وعدم الثني في الصدقة بعد تسليم شموله لما نحن فيه إنما يقتضي عدم الوجوب على كل منهما ، فالمتجه حينئذ التوزيع بينهما ، أو صيرورته كالواجب الكفائي يسقط بفعل أحدهما ، ويأتمان معا بالترك ، وكذا الاشكال على تقدير دوران وجوبها على وجوب الإنفاق ، فإنه متحقق في الفرض مع عدم قصد المعيل التبرع عنه في الإنفاق فتأمل جيدا ، فإنه قد يدفع ذلك كله بأن المراد كفاية الزوجية والملك وإن لم يكن عيلولة ، لا أن العيلولة إذا تحققت لم تؤثر ، بل لا شبهة في أنها أقوى لنطق النصوص فكل من عالهما وجبت عليه صدقتهما ، ولو جوزنا الثني في الصدقة لأوجبناها على العائل والزوج والمولى ، لكن ذلك كله كما ترى ، ولو كان المعيل معسرا سقط الفطرة عنه وعن الزوج والسيد بناء على ما قلناه ، لإعساره وعدم العيلولة منهما لكن