يقال : إنهم قد ذكروا في السلم في اللحم التعرض لكونه لحم راعية أو معلوفة ، وإذا جاز أن يثبت بالذمة لحم راعية جاز أن يثبت راعية ، ولا فرق في ذلك بين جعل مفهوم السوم عدميا وهو عدم العلف وبين جعله وجوديا وهو أكلها من مال الله المباح ، اللهم إلا أن يدعى انسياق كون المملوك مشخصا سائما من أدلة السوم ، كانسياق النقد من نصوص الدين ، والأمر سهل عندنا بعد ما عرفت من عدم ثبوته في الدين مطلقا ، ومن هنا كان الأولى الاعراض عن كثير مما يتفرع في المقام ، نعم قد قيد في البيان عدم الزكاة في الدين بما إذا لم يعينه المديون ويمكنه منه في وقته ، وإليه يرجع ما عن الكركي والميسي والقطيفي من تقييده بما إذا لم يعينه ويخلي بينه وبينه ، فان امتناعه حينئذ لا ينفي ملكه حتى لو تلف كان تلفه منه ، وعن حواشي الشهيد تقييده بما إذا لم يعينه في وقته ، ويحمله إلى الحاكم أو يبقيه على حاله بعد عزله في يده مع تعذر الحاكم ، وفيه أن حصول الملك بمجرد العزل محل نظر أو منع ، بل ومع قبض الحاكم إذا لم يكن معه امتناع من المالك ، بل ربما توقف في الملك مع الامتناع من المالك ، ولتحرير المسألة محل آخر ، وقد ذكرنا جملة من الكلام فيها في القرض وغيره ، فلاحظ وتأمل ، والله أعلم.
والكافر تجب عليه الزكاة بلا خلاف معتد به فيه بيننا ، لأنها من الفروع التي قد حكي الإجماع في كتب الفروع والأصول على خطابه بها ، للعموم وغيره ، وخصوص قوله تعالى (١) ( وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ ) وغيره مما هو محرر في محله ، وتسقط عنه بالإسلام كما نص عليه غير واحد ، بل لم نجد فيه خلافا ولا توقفا قبل الأردبيلي والخراساني وسيد المدارك ، بل ليس في كلام الأول على ما قيل سوى قوله : كان ذلك للإجماع والنص (٢) مثل « الإسلام يجب ما قبله » وهو
__________________
(١) سورة فصلت ـ الآية ٥ و ٦.
(٢) الخصائص الكبرى ج ١ ص ٢٤٩.