لفظ الضرب في كلام الأصحاب جريا على الغالب ، ولو ضربت للمعاملة لكن لم يتعامل بها أصلا أو تعومل بها تعاملا لم تصل به إلى حد تكون به دراهم أو دنانير مثلا لم تجب الزكاة للأصل وغيره ، ولعله إليه أومأ في جامع المقاصد بقوله : « وينبغي أن تبلغ برواجها أن تسمى دراهم ودنانير ».
ولو اتخذ المضروب بالسكة للزينة كالحلي وغيرها ففي الروضة وشرحها للاصبهاني لم يتغير الحكم ، زاده الاتخاذ أو نقصه في القيمة ما دامت المعاملة به على وجهه ممكنة ، لإطلاق الأدلة والاستصحاب الذي به يرجح الإطلاق المزبور على ما دل على نفيها عن الحلي ، وإن كان التعارض بينهما من وجه ، بل يحكم عليه ، لأن الخاص وإن كان استصحابا يحكم على العام وإن كان كتابا ، مضافا إلى ما قيل من أن المفهوم من نصوص الحلي (١) المعد لذلك أصالة ، ودعوى ظهورها في جعل الدراهم والدنانير حليا فلا تقبل التخصيص حينئذ واضحة المنع ، كدعوى ترجيح نصوص الحلي باشتمالها على التعليل لها باقتضاء الزكاة فيها عدم بقاء شيء منها أو ما هو كالتعليل ، ضرورة أنه بعد تسليم كونه علة لا حكمة أقصاه العموم القابل للتخصيص بما عرفت ، نعم لو تغيرت بالاتخاذ بثقب ونحوه بحيث لا تبقى المعاملة بها اتجه عدم وجوب الزكاة فيها حينئذ ، لانتفاء الشرط الذي هو المعاملة بصنفها ، وليس ذا كالمهجورة التي قد حصل التعامل بصنفها سابقا ، كما هو واضح ، والله أعلم.
ومن شرط وجوبها فيهما أيضا حول الحول حتى يكون النصاب موجودا فيه أجمع بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، والنصوص (٢) دالة عليه عموما وخصوصا فيهما ، ومن الواضح كون المفهوم منهما بقاء شخص النصاب في تمام
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب زكاة الذهب والفضة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب زكاة الذهب والفضة.