التقرب ، وذكرنا هنا غير واحد أنه لو أعطى الزكاة أهل الولاية لا يعيد إذا استبصر تمسكا بظاهر التعليل ، وفيه بحث ، لمعارضته بإطلاق المعلل ، فتأمل جيدا فان فيه كلاما ليس ذا محل ذكره ، إذ هو كالبحث في اقتضاء اختصاص الضمير العائد إلى العام تخصيص العام ، كقوله تعالى (١) : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ... وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ ) ومبنى البحث هنا عدم ما يقتضي في اللفظ مطابقة التعليل لجميع أفراد المعلل ، فيبقى العالم على دلالته اللفظية ، اللهم إلا أن يدعى الفهم العرفي ، وهو غير بعيد.
بقي أمران : أحدهما أن الكافر والمخالف مع سقوط القضاء عنهما بالإسلام والايمان لم يعقل خطابهما به مع اشتراط صحته بهما ، والفرض السقوط معهما ، وهو مناف لقاعدة التكليف بالفروع عندنا ، وربما أجيب بالتزام عدم التكليف به أو بأن التكليف به ابتلائي وامتحاني ، لأنه هو الذي صير نفسه كذلك ، ضرورة إمكان حصول الايمان منه قبل فوات وقت الأداء لتعقل خطابه بالقضاء ، فتأمل جيدا ، ثانيهما ظاهر النصوص السابقة عدم الفرق بين الحج وغيره من العبادات ، لكن اعتبر في الدروس في سقوطه بالايمان عدم الإحلال بركن مبني على مذهبنا ، ولم نجد ما يصلح للفرق بينه وبين غيره من العبادات التي عرفت اعتبار عدم الإخلال بها على مذهبه لا مذهبنا ، بل ظاهر الأدلة أو صريحها عدم الفرق ، ولتمام الكلام في هذه المباحث وغيرها محل آخر ، والله أعلم.
الوصف الثاني العدالة ، وقد اعتبرها كثيرون من القدماء ، بل في التنقيح نسبته إلى الثلاثة وأتباعهم ، وفي المختلف إلى المرتضى وأبي الصلاح وابني إدريس والبراج ، بل في الخلاف « الظاهر من أصحابنا أن زكاة الأموال لا تعطى إلا العدول
__________________
(١) سورة البقرة ـ الآية ٢٢٨.