وصفة الخرص أن يدور بكل نخلة أو شجرة وينظر كم في الجميع رطبا أو عنبا ثم يقدر ما يجيء منه تمرا أو زبيبا ، وينبغي للخارص التخفيف على المالك ، لما رواه أبو عبيدة (١) بإسناده إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « كان إذا بعث الخارص قال : خففوا على الناس ، فان في المال العرية والواطية والآكلة » قال أبو عبيدة : والعرية هي النخلة والنخلات بهب الإنسان تمرها ، والواطية السائلة سموا بذلك لوطئهم بلاد الثمار مجتازين ، بل عن جماعة من الجمهور منهم أحمد بن حنبل أنه يترك الثلث أو الربع له ، لما روى سهل بن أبي خيثمة (٢) « أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول : إذا خرصتم فخففوا ودعوا الثلث ، فان لم تدعوا الثلث فدعوا الربع » لكن فيه أنه إجحاف بالفقراء ومناف لأصل عدم جواز التسليط على مال الفقراء والنقص له ، والخبر المزبور غير صالح لقطع ذلك ، نعم ما ذكرناه من التخفيف في الجملة يستفاد مما عرفت ومن غيره من النصوص (٣) الدالة على مراعاة المالك المتقدم بعضها في زكاة الأنعام.
وعلى كل حال فالظاهر اعتبار التراضي في الخرص ، كما يومي اليه التخيير بين الصور الثلاثة ، ولو رضي بعض الشركاء فقط خص بالخرص ، ولو وقع الرضا على البعض دون البعض جاز ، والخارص الامام عليهالسلام أو نائبه الخاص أو العام ، لولايته على مال الفقراء ، بل قد يقوى جوازه من المالك إذا كان عارفا ، وخصوصا مع تعذر الرجوع إلى الولي العام كما عن الفاضلين والشهيد والمقداد والصيمري النص عليه ، وعلى جواز إخراجه عدلا يخرصه له وإن كان الأحوط الرجوع إلى الولي مع التمكن ، قال في المعتبر : « ويجوز عندنا تقويم نصيب الفقراء من غير مراجعة الساعي » ولعله لمعلومية عدم خصوصية خرص الساعي ، وإطلاق قوله عليهالسلام في صحيح سعد بن سعد : « إذا
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٤ ص ١٢٤.
(٢) سنن البيهقي ج ٤ ص ١٢٣.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب زكاة الأنعام.