بل قد يقال باجزاء المدفوع الى الفقير على جهة الوفاء عن الفطرة على حسب دفع المديون بالنقد مثلا للديان من غيره مع الرضا به ، بناء على كون الوفاء فيه بإثبات قيمة المدفوع في ذمة المدفوع اليه على وجه يقع التهاتر قهرا ، إذ الفطرة من جملة الديون للفقراء الذين جعل الشارع قبض واحد منهم كافيا في الاجزاء ، لكنه لا يخلو من نظر أو منع ، والاحتياط لا ينبغي تركه.
ثم على الجواز لو أخرج نصف صاع أعلى قيمة يساوي صاعا أدون قيمة منها أو من غيرها فالأصح عدم الاجزاء ، وفاقا للبيان والمدارك ، لظهور كون قيمة الأصول من غيرها ، خصوصا وليس في الأدلة التخيير بين الصاع من كل نوع وقيمته حتى يدعى ظهوره في تناول القيمة للنوع الآخر ، وإنما الموجود فيها ما عرفت مما هو ظاهر فيما ذكرنا ، وربما يؤيد ذلك ما تسمعه من النصوص (١) الآتية المشتملة على إنكار ما وقع في زمن عثمان ومعاوية من الاجتزاء بنصف صاع من حنطة باعتبار غلو سعرها كما ستعرف ، وليس ذلك مبنيا على الاجتزاء به أصلا ، ضرورة عدم وجوب نية ذلك وظهور تلك النصوص في غيره ، نعم لو باعه من الفقير مثلا بثمن أراد احتسابه قيمة صاع من الأدون لم يكن في ذلك بأس ، وحينئذ فقد ظهر لك أن ما في المختلف من الاجتزاء بالنصف المزبور عن الصاع من الأدون لا يخلو من نظر ، وقد تقدم نظير ذلك في الزكاة المالية ، ولا فرق فيما ذكرنا بين صاع نفسه وصاع من يعوله للاتحاد في المدرك قيل وربما يوجد الفرق في بعض القيود ، وليس بشيء ، والله أعلم.
وكيف كان فـ ( الأفضل إخراج التمر ) عند الأكثر ، لقول الصادق عليهالسلام (٢)
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب زكاة الفطرة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب زكاة الفطرة ـ الحديث ٨.