وقد يحتمل عند البذل كما في الفقير ، إلا أن الأول أظهر ، لعدم التمليك هنا بل ولا بذل وإنما فيه تقديم للأكل ، ولذا لا يملك إلا ما يأكله ، وله أن ينوي ما أكله زكاة بعد الأكل ، ولا يقدح كونه مجهولا عند المحتسب والناوي ، لعدم منافاة ذلك لمعلومية أقل ما يحتمل أكله ، على أنه إن كان قد عزل الحنطة للزكاة وقد بقي من الخبز شيء أعطاه مستحقا آخر إن أمكن ، وإلا اقتصر في الاحتساب على ما ذكرناه ، كما هو واضح.
وكيف كان فـ ( لا بد أن يكون سفرهما مباحا ، فلو كان معصية لم يعط ) بلا خلاف كما اعترف به بعضهم ، بل نفاه في المدارك بين العلماء ، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه ، ورواية العالم عليهالسلام (١) دالة عليه ، مضافا إلى ما في إعطائه من الإعانة على الإثم والعدوان ، بل الرواية المزبورة دالة على اعتبار كون السفر طاعة كالمحكي عن ابن الجنيد ، إلا أنها لقصور سندها وعدم مقاومتها لإطلاق الكتاب المعتضد بفتاوى الأصحاب ينبغي حمل الطاعة فيها على ما لا معصية فيه ، واليه أومأ في المختلف في الجواب عنها بأن الطاعة تصدق على المباح ، بمعنى أن فاعله معتقد لكونه مباحا مطيع في اعتقاده وإيقاع الفعل على وجهه ، لا أن المراد صدقها حقيقة ، كما هو واضح.
وعلى كل حال فـ ( يدفع اليه ) من الزكاة قدر الكفاية اللائقة بحاله من المأكول والملبوس والمركوب أو ثمنها أو الأجرة إلى أن يصل إلى بلده بعد قضاء الوطر من سفره ، أو يصل إلى محل يمكنه الاعتياض فيه ولو فضل منه شيء ولو بالتضييق على نفسه أعاده وفاقا للأكثر بل المشهور ، تقديرا للضرورة بقدرها ، ولتشخيص المالك له في المصرف الخاص كما هو المفروض ، وقد عرفت أن قصده مشخص للمصارف ولو لم نقل بوجوب البسط وقيل والقائل الشيخ في الخلاف
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ٧.