تعالى (١) ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ ) وما دل (٢) على عدم خرص الجعرور والمعافارة لرداءة تمرهما ، بل ورد (٣) أنهم كانوا يأتون بهما إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم زكاة عما عندهم من التمر الجيد ، وقد وقع ذلك منهم مكررا من غير حياء من أحد منهم فأنزل الله تعالى الآية ، ونهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن خرصهما ، بل من أعطى التأمل حقه في الآية وفيما ورد من النصوص في ذلك جزم باجزاء مطلق الطيب من التمر ولا يلتفت إلى قاعدة الشركة ، خصوصا بعد ملاحظة السيرة في عدم إلزام المالك الدفع من جنس جميع ما عنده من أنواع التمر ، فتأمل جيدا.
ثم لا يخفى عليك أن المراد بعدم إجزاء الرطب عن التمر مثلا على جهة كونه فريضة أما قيمة فلا إشكال في الجواز كغيره من الأجناس الزكوية وغيرها ، بناء على جواز دفع القيمة من غير النقدين ، ولا ربا في متحد الجنس بعد أن لم يكن ذلك من المعاوضة ، بل هو من قبيل امتثال التكليف ، ولذا لم يعتبر التراضي في دفع القيمة ، ولو اقتضت المصلحة قبول الردي مثلا كان للحاكم القبول باعتبار ولايته على الفقراء ، والله أعلم.
المسألة الخامسة إذا مات المالك وعليه دين فظهرت الثمرة وبلغت نصابا قبل قضاء الدين لم يجب على الوارث زكاتها كما عن المنتهى ، لعدم ملكه ، إذ التركة قبل الوفاء على حكم مال الميت الذي انقطع عنه الخطاب بموته ، فلا زكاة حينئذ ، لكن فيه أنه إن تم ففي المستوعب لا مطلق الدين ، فانا لا نعرف قائلا معتدا به ببقاء التركة جميعها على حكم مال الميت بمجرد الدين المفروض كونها أضعافه كما اعترف به في المدارك بل المعروف دخول ما زاد على الدين في ملك الوارث أو دخول الجميع في ملكه ، والمتجه على الأول فضلا عن الثاني الذي هو الأقوى كما حققناه في محله وجوبها على الوارث مع
__________________
(١) سورة البقرة ـ الآية ٢٦٩.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب زكاة الغلات.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب زكاة الغلات.