فقال : الفقير الذي لا يسأل الناس ، والمسكين أجهد منه ، والبائس أجهدهم » وفي صحيح محمد بن مسلم (١) عن أحدهما عليهماالسلام أنه سأله « عن الفقير والمسكين فقال : الفقير الذي لا يسأل ، والمسكين الذي هو أجهد منه الذي يسأل » والظاهر أن مراده ما عرفت من ظهور أثر الذل عليه بالسؤال ونحوه ، كما أن مراده نحو ما سمعته في خبر أبي بصير وسابقه من كون ذلك حال الاجتماع كما في آية الزكاة لا مطلقا ، وقال ابن عرفة على ما حكي عنه : أخبرني أحمد بن يحيى عن محمد بن سلام أنه قال ليونس : « افرق لي بين المسكين والفقير فقال : الفقير الذي يجد القوت ، والمسكين الذي لا شيء له » ويؤيد ذلك كله ما عن الغنية من الإجماع على أن الفقراء لهم شيء ، والمساكين لا شيء لهم ، وقد نص على ذلك الأكثر من أهل اللغة.
قلت : قد عرفت فيما تقدم المحكي عنه من أهل اللغة ، بل قد عرفت نسبته في المسالك ومحكي التنقيح إلى الأكثر من غير تقييد ، بل قد سمعت نسبته إلى أهل اللغة ، وفي محكي التحرير نسبة كون المسكين أسوأ حالا لأهل البيت عليهمالسلام ونص أهل اللغة أيضا ، وعلى كل حال فلا ريب في كونه المعروف بين أهل اللغة والفقه ، بل قد يشهد له النبوي (٢) الآتي « ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان » إلى آخره ، ضرورة كون المراد منه نفي المعنى المعروف للمسكين وإثباته لغيره على نوع من التجوز نحو قول الشاعر :
ليس من مات
واستراح بميت |
|
إنما الميت ميت
الأحياء |
وكيف كان فلا ريب في أن الأقوى كون المسكين أسوأ حالا من الفقير مع الاجتماع ، خلافا للشيخ في أحد قوليه وابني حمزة وإدريس ، فقالوا : إن الفقير أسوأ
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ٢.
(٢) سنن البيهقي ج ٧ ص ١١.