البحث
البحث في كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء
أتقن القواعد الأُصوليّة التي أودعها الشيخ في كشفه فهو عندي مجتهد. انتهى.
ثمّ قال : وحدّثني الأُستاذ الشيخ عبد الحسين الطهراني رحمهالله قال قلت لشيخي صاحب جواهر الكلام : لم أعرضت عن شرح كشف الغطاء ، تؤدّي حقّ صاحبه وهو شيخك وأُستاذك ، وفي كتابه من المطالب العويصة والعبارات المشكلة ما لا يحصى؟ فقال : يا ولدي أنا عجزان من أووات الشيخ ، أي لا أقدر على استنباط مدارك الفروع المذكورة فيه : أو كذا أو كذا (١).
وموجز القول : أن الشيخ جعفر يبدو في هذا الكتاب ، وكأنّه محيط بالمسائل في عرض البعض ، وكأنّها حاضرة في ذهنه مع بعض ، فيجمع بين متشابهاتها المتناثرة ، ويستوفي شروط مشروطاتها ويكثر تقسيم منقسماتها ويفرّع كيف يحلو له ، لا يكترث بالترتيب السائد أو التقسيم المشهور.
وقد خاض في استنباط الأحكام على غير المتعارف ، واستدلّ كيف استدلّ ، لا يذكر أية ولا يذكر رواية ، بل معان كلية استلهمها من منابعها وصاغها بما يختصرها ويجمعها فهو استدلال لا مردود لمتانته ولا مقبول لغرابته.
فَقَهَ وَكَتَبَ وما نقل فانْتَقل ، فهو أُعجوبة دهره بثاقب فكره.
وتراه يختار ضيّق الطريق بوفد عريض ويكثر الاستدلال لما ليس إليه سبيل ، ولا عليه دليل ، وذكر فروعاً في الخنثى وذوي الرأسين لم يسبقه إليه مثيل ، وما لأحد فيه كثير ولا قليل.
وكلّما تعمّقت في هذا الكتاب لازددت عجباً واعتقدت أنّ العلم والفقه لا كما عقدا ، وأنّ الفقيه هو من يستلهم طريقاً صعدا ، ولا يتكأكأ ولا يكبو أبدا ، فلمثل هذا فليعمل العاملون.
وبالجملة فللكتاب ميزتان :
الأُولى : من حيث سبك التأليف ؛ لأنّه مشتمل على الأُصول الاعتقاديّة في الفنّ الأوّل منه مع الدلائل المتقنة والبراهين الساطعة في التوحيد والعدل والنبوّة والمعاد ، بإيجاز واختصار. ولكن ذكر المؤلّف مبحث الولاية والإمامة بتفصيل.
__________________
(١) مستدرك الوسائل ٣ : ٣٩٨.