لا يترك كلّه» (١) ، و «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (٢) ، ونحو ذلك. وإن كان للبحث فيه مجال ، وقد سبق ما فيه بيان الحال.
ومتى تعلّق به حقّ لمخلوق ، وعجز عن تسليمه بنفسه لمانع وجبت عليه الاستنابة في التأدية ، فإن لم تمكن قام الحاكم مقامه ، فإن لم يكن فعدول المسلمين ، وفي الواحد كفاية ، فإن تعذّر كان لغيرهم القيام حسبة (٣).
وكذا الحال في الاستنابة فيما تصحّ فيه النيابة من التكاليف الشرعيّة ، فإن استناب مختاراً فيها وإلا جبره الحاكم أو من قام مقامه على الفعل ويغني ذلك عن النيّة.
والقول بلزوم إيقاع الصورة منه ، ويكتفى بها ، أو مع الحقيقة من الحاكم ، أو من قام مقامه ، غير بعيد الوجه.
الرابع : الاختيار
فلا تصحّ عبادة ، ولا عقد ، ولا إيقاع ، ولا ما يشبهها من الأحكام مع الإجبار ، إلا أن يجب عليه شيء منها ، ويمتنع عن فعله باختياره ، فيجبره الحاكم على مباشرته ، ويقوم جبره مقام اختياره وقصده ونيّته ، فيجبر على العبادات الواجبات ، وعلى بذل النفقة لمن تجب نفقته بقرابة ، أو زوجيّة ، أو ملكيّة ، فإن امتنع أُخذ من ماله وأُنفق على عياله.
فإن تعذّر إجباره على الأمرين ، وكان طريق تخلّص في البين بإجارة ونحوها قدّم ، وإلا جبر على بيع العبد والحيوان وطلاق الزوجة بائناً ، بأن يرجع في المجلس مرّتين ويطلّق الثالثة ؛ إن لم يحصل باذل للنفقة ، أو مقرض لمن تجب عليه.
وإذا امتنع عن المباشرة تولّى الحاكم أو نائبه تلك الأعمال ، ويقتصر على بيع البعض فالبعض إن أمكن ، ولو أمكنه اشتراط الخيار فيما يصحّ فيه جمعاً بين الحقّين وجب.
والاضطرار لفقر مدقع ، أو جوع تام ، أو عطش ، أو دفع غرق ، أو حرق ونحوها
__________________
(١) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ح ٢٠٧ ، سنن النسائي ٥ : ١١٠ باب وجوب الحجّ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣ ح ٢.
(٢) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ح ٢٠٦.
(٣) حسبة يقال لمن لا يرجو ثواب الدنيا المصباح المنير : ١٣٥.