المولى ، وإن لم يكن محرّكاً للعبد نحو العمل إلاّبعد تحقق الموضوع بجميع قيوده خارجاً ، وتحققه في الخارج ممّا لا ربط له بالمولى الجاعل للحكم ، فإذا قال المولى يجب الحج على المستطيع ، فقد تمّ الحكم من ناحية المولى وصار فعلياً من قبله ، وتحقق الاستطاعة خارجاً ممّا لا ربط له بتمامية الحكم من قبل المولى.
وبعبارة اخرى واضحة : إذا قال المولى : يجب الحج على المستطيع ، فقد تمّ الحكم من قبل المولى وصار فعلياً بالنسبة إلى المستطيع. وأمّا غير المستطيع فليس عليه الحكم بوجوب الحج أصلاً. وعليه فإن كان الحكم الواقعي مطلقاً لزم اجتماع الضدّين ، وإن كان مقيداً بالعلم لزم التصويب على ما تقدّم بيانه.
ولعلّه لأجل هذه الاشكالات عدل عن التعبيرين المذكورين أخيراً ، والتزم بأنّ الحكم الواقعي فعلي من بعض الجهات ، والحكم الظاهري فعلى من جميع الجهات ، فلا مضادة بينهما.
وهو أيضاً غير تام ، إذ لو أراد منه أنّ الحكم الواقعي قد اخذ في موضوعه العلم ، سواء كان العلم وجدانياً أو تعبدياً كما يظهر من قوله قدسسره : إن علم به المكلف يكون فعلياً (١) ، ففيه : أنّ هذا تصويب يدل على فساده الاجماع والروايات الدالة على اشتراك الأحكام بين العالم والجاهل.
وإن أراد أنّ العلم لم يؤخذ في موضوع الحكم ، ومع ذلك لا يكون فعلياً قبل العلم به ، ففيه : أنّه لا معنى لعدم فعلية الحكم بعد تمامية الجعل من قبل المولى وهو الانشاء بداعي البعث ، وتحقق موضوعه خارجاً ، فانّه شبيه بتخلّف المعلول عن العلّة التامّة.
__________________
(١) [لعلّه قدسسره يشير إلى عبارة الكفاية في ص ٢٧٨ : لو علم به المكلف لتنجّز عليه]