وعدم جعلها ، فما هو حاصل بالوجدان غير ما يحصل بالتعبد ، فلا يكون التمسك بالاستصحاب في المقام من تحصيل الحاصل.
وأمّا الوجه الثاني : فنجيب عنه :
أوّلاً : بالنقض بالروايات الدالة على المنع عن العمل بالقياس (١) ، ونقول أيّ فائدة في هذا المنع ، مع كون العقل مستقلاً بعدم صحّة الاستناد والاسناد بمجرد الشك وعدم إحراز الحجية ، وبما دلّ على البراءة شرعاً في موارد الشك في التكليف ، كحديث الرفع (٢) مع استقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان.
وثانياً : بالحل وهو أنّ حكم العقل في جميع هذه الموارد منوط بعدم وصول التعبد والبيان من الشارع ، فإذا ثبت التعبد الشرعي يترتب الأثر عليه ، وينتفي حكم العقل بانتفاء موضوعه ، فلا يكون التعبد لغواً.
وبعبارة اخرى : ليس حكم العقل في هذه الموارد في عرض الحكم الشرعي حتّى يلزم كونه لغواً ، بل الحكم العقلي إنّما هو في طول الحكم الشرعي ، فصحّ للشارع أن يتصرف في موضوع حكم العقل ببيان الحجية أو عدمها ، ولايكون ذلك لغواً ، إذ الأثر الذي كان مترتباً عليه بما هو مشكوك الحجية ، يترتب بعد التعبد على ما هو مقطوع عدم حجيته واقعاً بالتعبد الشرعي ، فلا يكون لغواً.
هذا تمام الكلام في تأسيس الأصل ولنشرع في بيان ما وقع التعبد به من الأمارات ، ويقع فيه الكلام في مباحث :
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ٣٥ / أبواب صفات القاضي ب ٦
(٢) الوسائل ١٥ : ٣٦٩ / أبواب جهاد النفس ب ٥٦ ح ١