(قدسسره) (١) حيث قال : وتأثيره في ذلك لازم وصريح الوجدان به شاهد وحاكم.
أمّا القول الأوّل ، ففيه أوّلاً : أنّ حجّية القطع ولزوم الحركة على طبقه كانت ثابتة في زمان لم يكن فيه إلاّبشر واحد ، فلم يكن فيه عقلاء ليتحقق البناء منهم ، ولم يكن نوع ليكون العمل بالقطع لحفظه.
وثانياً : أنّ الأوامر الشرعية ليست بتمامها دخيلة في حفظ النظام ، فان أحكام الحدود والقصاص وإن كانت كذلك ، والواجبات المالية وإن أمكنت أن تكون كذلك ، إلاّأنّ جلاً من العبادات ـ كوجوب الصلاة التي هي عمود الدين ـ لا ربط لها بحفظ النظام أصلاً.
وأمّا القول الثاني ، فيرد عليه : أنّ العقل شأنه الادراك ليس إلاّ ، وأمّا الالزام والبعث التشريعي فهو من وظائف المولى. نعم ، الانسان يتحرّك نحو ما يراه نفعاً له ، ويحذر ممّا يراه ضرراً عليه ، وليس ذلك بالزام من العقل ، بل المنشأ فيه حبّ النفس ، ولا اختصاص له بالانسان ، بل الحيوان أيضاً بفطرته يحبّ نفسه ويتحرّك إلى ما يراه نفعاً له ، ويحذر ممّا أدرك ضرره. وبالجملة حبّ النفس وإن كان يحرّك الانسان إلى ما قطع بنفعه ، إلاّ أنّه تحريك تكويني لا بعث تشريعي. فظهر بما ذكرناه : أنّ الصحيح هو :
القول الثالث ، وهو أنّ حجّية القطع من لوازمه العقلية [و] أنّ العقل يدرك حسن العمل به وقبح مخالفته ، ويدرك صحّة عقاب المولى عبده المخالف لقطعه ، وعدم صحّة عقاب العامل بقطعه ولو كان مخالفاً للواقع ، وإدراك العقل ذلك لا يكون بجعل جاعل أو بناء من العقلاء ، لتكون الحجّية من الامور المجعولة أو
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٥٨