وفيه : أنّ ذلك إنّما يتم فيما إذا كان المرؤوسون ملازمين لحضور رئيسهم كما في المثال ، وأنى ذلك في زمان الغيبة. نعم ، الملازمة الاتفاقية ـ بمعنى كون الاتفاق كاشفاً عن قول الإمام عليهالسلام أحياناً من باب الاتفاق ـ ممّا لا سبيل إلى إنكارها ، إلاّ أنّه لا يثبت بها حجّية الاجماع بنحو الاطلاق ، فانّ استكشاف قول الإمام عليهالسلام من الاتفاق يختلف باختلاف الأشخاص والأنظار ، فربّ فقيه لا يرى الملازمة أصلاً ، وفقيه آخر لا يرى استكشاف رأي المعصوم إلاّمن اتفاق علماء جميع الأعصار ، وفقيه ثالث يحصل له اليقين من اتفاق الفقهاء في عصر واحد ، أو من اتفاق جملة منهم. وقد شاهدنا بعض الأعاظم أنّه كان يدعي القطع بالحكم من اتفاق ثلاثة نفر من العلماء ، وهم الشيخ الأنصاري والسيّد الشيرازي الكبير والمرحوم الميرزا محمّد تقي الشيرازي (قدّس الله أسرارهم) ، لاعتقاده بشدّة ورعهم ودقّة نظرهم.
وقد يقال في وجه حجّية الاجماع إنّه كاشف عن وجود دليل معتبر ، بحيث لو وصل إلينا لكان معتبراً عندنا أيضاً.
وفيه : أنّ الاجماع وإن كان كاشفاً عن وجود أصل الدليل كشفاً قطعياً ، إذ الافتاء بغير الدليل غير محتمل في حقّهم فانّه من الافتاء بغير العلم المحرّم ، وعدالتهم مانعة عنه ، إلاّ أنّه لا يستكشف منه اعتبار الدليل عندنا ، إذ من المحتمل أن يكون اعتمادهم على قاعدة أو أصل لا نرى تمامية القاعدة المذكورة أو الأصل المذكور ، أو عدم انطباقهما على الحكم المجمع عليه ، كما تقدّم في الاجماع المدعى في كلام السيّد المرتضى قدسسره (١).
فتحصّل ممّا ذكرناه في المقام : أنّه لا مستند لحجّية الاجماع أصلاً ، وأنّ الاجماع
__________________
(١) تقدّم في ص ١٥٨