كما هو الحال في الخبر المتواتر ، فانّه يحصل الظن باخبار شخص واحد ، ويتقوى ذلك الظن باخبار شخص ثانٍ وثالث وهكذا إلى أن يحصل القطع بالمخبر به.
وفيه : أنّ ذلك مسلّم في الاخبار عن الحس كما في الخبر المتواتر ، لأنّ احتمال مخالفة الواقع في الخبر الحسّي إنّما ينشأ من احتمال الخطأ في الحس أو احتمال تعمد الكذب ، وكلا الاحتمالين يضعف بكثرة المخبرين إلى أن يحصل القطع بالمخبر به وينعدم الاحتمالان. وهذا بخلاف الاخبار الحدسي المبني على البرهان كما في المقام ، فانّ نسبة الخطأ إلى الجميع كنسبته إلى الواحد ، إذ احتمال كون البرهان غير مطابق للواقع لا يفرق فيه بين أن يكون الاستناد إليه من شخص واحد أو أكثر ، ألا ترى أنّ اتفاق الفلاسفة على أمر برهاني كامتناع إعادة المعدوم مثلاً لا يوجب القطع به. نعم ، لو تمّ ما نسب إلى النبي صلىاللهعليهوآله من قوله : «لا تجتمع امّتي على الخطأ» (١) وقلنا بأنّ المراد من الامّة هو خصوص الإمامية ، ثبتت الملازمة بين إجماع علماء الإمامية وقول المعصوم عليهالسلام ، ولكنّه غير تام سنداً ودلالة. أمّا من حيث السند فلكونه من المراسيل الضعاف ، وأمّا من حيث الدلالة فلعدم اختصاص الامّة بالإمامية كما هو ظاهر في نفسه ، ويظهر من قوله صلىاللهعليهوآله : «ستفترق امّتي على ثلاث وسبعين فرقة» (٢).
وقد يقال بالملازمة العادية بين الاجماع وقول المعصوم عليهالسلام بدعوى أنّ العادة تحكم بأنّ اتفاق المرؤوسين على أمر لا ينفك عن رأي الرئيس ، فانّ اتفاق جميع الوزراء وجميع أركان الحكومة على أمر لا ينفك عن موافقة رأي السلطان بحكم العادة.
__________________
(١) بحار الأنوار ٢ : ٢٢٥ / كتاب العلم ب ٢٩ ح ٣ وفيه : لا تجتمع امّتي على ضلالة
(٢) بحار الأنوار ٢٨ : ٤ / كتاب الفتن والمحن ب ١ ح ٣ وغيره