وفيه : أنّ المراد بخبر الواحد في المقام هو الذي لا يفيد القطع ويحتمل الصدق والكذب في قبال المتواتر والمحفوف بالقرينة القطعية ، وهذا هو المراد من النبأ في الآية الشريفة بقرينة وجوب التبين عنه ، إذ الخبر المعلوم صدقه متبيّن في نفسه ولا معنى لوجوب التبين عنه. وبقرينة التعليل ، وهو قوله تعالى : «أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ» وليس مراد الشيخ قدسسره من الذاتي في المقام هو الذاتي في باب الكلّيات أي الجنس والفصل ، بل مراده هو الذاتي في باب البرهان ، أي ما يكفي مجرد تصوّره في صحّة حمله عليه ، من دون احتياج إلى لحاظ أمر خارج كالامكان بالنسبة إلى الانسان مثلاً ، فانّه ليس جنساً ولا فصلاً له ليكون ذاتياً في باب الكلّيات ، بل ذاتي له في باب البرهان ، بمعنى أنّ تصور الانسان يكفي صحّة حمل الامكان عليه ، بلا حاجة إلى لحاظ أمر خارجي ، ومن الواضح أنّ الخبر في نفسه يحتمل الصدق والكذب ، ويصح حمل ذلك عليه ، بلا حاجة إلى ملاحظة أمر خارج عنه ، فكونه خبر واحد ذاتي له ، بخلاف كونه خبر فاسق ، إذ لا يكفي في حمله على الخبر نفس تصور الخبر ، بل يحتاج إلى ملاحظة أمر خارج عن الخبر ، وهو كون المخبر به ممّن يصدر عنه الفسق.
الايراد الثاني : أنّ الحكم على الطبيعة المهملة غير متصور ، إذ لا يعقل الاهمال في مقام الثبوت ، فلا محالة يكون الحكم بوجوب التبين عن الخبر إمّا مقيداً بكون المخبر به فاسقاً فيكون خبر العادل حجّة ، وإمّا مقيداً بالجامع بينه وبين العادل ، فلا يكون خبر العادل حجّة ، فالتقييد ضروري لا محالة إمّا بخصوص الفاسق أو بالأعم منه ومن العادل ، وحيث إنّ التقييد ضروري فالتقييد بالفاسق لا يشعر بالعلّية ليدل على المفهوم ، لاحتمال أن يكون الحكم مقيداً بالأعم منه ومن العادل وكان ذكر الفاسق لنكتة تقدّمت الاشارة إليه.
وفيه : أنّ الاهمال في مقام الثبوت وإن كان غير معقول إلاّ أنّه لا يلزم منه