متوقفة على أن يكون الموضوع مفروض الوجود وكان له حالتان ، وقد علّق الحكم على إحدى حالتيه تعليقاً مولوياً ، بأن لا يكون متوقفاً عليها عقلاً ، وهذا هو الميزان الكلّي في دلالة القضيّة الشرطية على المفهوم ، ففي قولنا : إن جاءك زيد فأكرمه ، كان الموضوع المفروض وجوده هو زيد ، وله حالتان المجيء وعدمه ، وعلّق وجوب الاكرام على مجيئه تعليقاً مولوياً ، إذ لا يكون الاكرام متوقفاً على المجيء عقلاً ، فتدل القضيّة على انتفاء وجوب الاكرام عند انتفاء المجيء ، بخلاف قولنا : إن ركب الأمير فخذ ركابه ، فانّ الموضوع فيه وهو الأمير وإن كان له حالتان الركوب وعدمه ، إلاّأنّ تعليق أخذ الركاب على ركوبه عقلي ، فتكون القضيّة مسوقةً لبيان الموضوع وإرشاداً إلى حكم العقل ، فلا مفهوم لها ، وعليه فإن كان الموضوع في الآية المباركة هو النبأ وله حالتان مجيء الفاسق به ومجيء غير الفاسق به ، إذ النبأ قد يجيء به غيره ، وقد علّق وجوب التبين عنه على مجيء الفاسق به مولوياً ، إذ لا يكون متوقفاً عليه عقلاً ، ويكون مفاد الكلام حينئذ : إنّ النبأ إن جاءكم به فاسق فتبيّنوا ، فلا محالة تدل القضيّة على المفهوم ، وانتفاء وجوب التبين عند انتفاء مجي الفاسق به ، وكذلك الحال إن كان الموضوع هو الجائي بالنبأ المستفاد من قوله تعالى : «أَنْ جاءَكُمْ» فانّ الجائي بالنبأ قد يكون فاسقاً وقد يكون غير فاسق ، وقد علّق وجوب التبين على كونه فاسقاً ، ولا يكون متوقفاً عليه عقلاً ، ويكون مفاد الكلام حينئذ : أنّ الجائي بالنبأ إن كان فاسقاً فتبينوا ، فتدل القضيّة على المفهوم وانتفاء وجوب التبين عند انتفاء كون الجائي بالنبأ فاسقاً.
وأمّا إن كان الموضوع هو الفاسق وله حالتان ، لأنّ الفاسق قد يجيء بالنبأ وقد لا يجيء به ، وعلّق وجوب التبين على مجيئه بالنبأ ، ويكون مفاد الكلام حينئذ : أنّ الفاسق إن جاءكم بنبأ فتبينوا ، فلا دلالة للقضيّة على المفهوم ، لأنّ