فقط ـ كما تقدّم ـ دون المصالح والمفاسد ، إذ من الواضح أنّ القطع بانطباق عنوان على شيء لا يوجب سلب آثاره التكوينية الواقعية ، ولا حدوث أثر آخر فيه ، فانّ القطع بكون الماء سمّاً لا يجعله سمّاً ، ولا يترتب عليه أثر السم.
والقطع بكون السمّ ماءً لا يجعله ماءً من حيث الأثر ، بل يترتب على شربه أثر السمّ من الموت. ولو سلّمنا إمكان ذلك لا دليل على وقوعه في المقام. ومجرد الامكان لا يثبت به الوقوع كما هو ظاهر.
الوجه الثاني : أنّ التجري كاشف عن سوء سريرة العبد وخبث باطنه وكونه في مقام الطغيان على المولى ، وهذا يوجب قبح الفعل المتجرى به عقلاً ، فيحكم بحرمته شرعاً لقاعدة الملازمة.
وفيه : أنّ كون الفعل كاشفاً عن سوء سريرة الفاعل وخبث باطنه لايوجب قبح الفعل ، إذ قبح المنكشف لا يوجب قبح الكاشف ، كما أنّ حسن المنكشف لا يسري إلى الكاشف ، فلم يثبت قبح للفعل المتجرى به عقلاً ليحكم بحرمته شرعاً بقاعدة الملازمة. مضافاً إلى ما سيجيء (١) من عدم تمامية قاعدة الملازمة في المقام أيضاً.
الوجه الثالث : أنّ تعلّق القطع بقبح فعل يوجب قبحه ، والقطع بحسن عمل يوجب حسنه ، فيحكم بحرمته في الأوّل وبوجوبه في الثاني ، لقاعدة الملازمة ، فهنا دعويان :
الاولى : أنّ القطع من العناوين والوجوه المقبّحة والمحسّنة للفعل.
الثانية : أنّ قبح الفعل يستتبع حرمة شرعية ، وحسنه يستتبع وجوباً شرعياً لقاعدة الملازمة.
__________________
(١) في ص ٢٥