وإمّا إلى دليل الانسداد ، إذ لو كان مراده من السنّة نفس قول المعصوم عليهالسلام وفعله وتقريره ، فوجوب العمل بها وإن كان ضرورياً ، إلاّ أنّه لا ملازمة بينه وبين وجوب العمل بالأخبار الحاكية للسنّة المحتمل عدم مطابقتها للواقع كما هو ظاهر. وإن كان مراده من السنّة هي الروايات الحاكية لقول المعصوم أو فعله أو تقريره ، فلا دليل على وجوب العمل بها فانّه أوّل الكلام ومحل البحث فعلاً.
وحديث الثقلين ونحوه الدال على وجوب الرجوع إلى المعصوم عليهالسلام والأخذ بقوله لايدل على وجوب الأخذ بالروايات الحاكية لقول المعصوم عليهالسلام فانّ وجوب متابعة الإمام عليهالسلام لا يدل على وجوب العمل بما يرويه محمّد بن مسلم مثلاً ، مع احتمال كونه غير مطابق للواقع وهو ظاهر ، وحينئذ إن قيل بوجوب العمل بالروايات بدعوى العلم الاجمالي بصدور جملة منها من المعصوم ، فهذا هو الوجه الأوّل ، وإن قيل بوجوب العمل بها بدعوى العلم الاجمالي بتكاليف واقعية وأنّ العقل يحكم بذلك بعد عدم إمكان الوصول إليها بالقطع ، فهذا يرجع إلى دليل الانسداد ولا يتم إلاّبتمامية سائر مقدّماته (١).
وأمّا ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره من عدم رجوع هذا الوجه إلى الوجه الأوّل ولا إلى دليل الانسداد وأ نّه دليل مستقل ، بدعوى أنّ ملاكه ليس هو العلم الاجمالي بتكاليف واقعية ليرجع إلى دليل الانسداد ، ولا العلم الاجمالي بصدور جملة من الأخبار عنهم عليهمالسلام ليرجع إلى الوجه الأوّل ، بل ملاكه العلم بوجوب الرجوع إلى الروايات ، مع قطع النظر عن العلمين المذكورين (٢) ،
__________________
(١) فرائد الاصول ١. ٢١٩ و ٢٢٠
(٢) كفاى ه الاصول. ٣٠٧