ولايخفى أنّ الاطلاق والاهمال قد يلاحظان بالنسبة إلى الأسباب ، وقد يلاحظان بالنسبة إلى الموارد ، وقد يلاحظان بالنسبة إلى المراتب ، فنقول :
أمّا على تقرير الكشف : فتكون النتيجة مطلقة من حيث الأسباب إذ لا يكون هناك قدر متيقن ، فلا يرى العقل فرقاً بين الأسباب التي يحصل منها الظن ، فلا فرق بين الظن الحاصل من الاجماع المنقول والظن الحاصل من الشهرة والحاصل من فتوى الفقيه مثلاً ، بل العقل يرى بعد تمامية المقدّمات بهذا التقرير أنّ الشارع جعل الظن حجّة من أيّ سبب حصل ، إلاّالسبب الذي نهى الشارع عن العمل بالظن الحاصل منه ، كالظن الحاصل من القياس الثابت عدم جواز العمل به بالأخبار المتواترة.
وأمّا من حيث الموارد فتكون النتيجة مهملة ، إذ العلم بعدم رضى الشارع بالاحتياط الكلّي لاينافي وجوب الاحتياط في خصوص الموارد المهمّة ، كالدماء والأعراض بل الأموال الخطيرة ، فلا بدّ من الاقتصار على القدر المتيقن وهو الظن في غير هذه الموارد. وأمّا هذه الموارد التي علم اهتمام الشارع بها فلا بدّ من الاحتياط فيها ، وكذا الحال من حيث المراتب ، إذ العقل لا يدرك بعد العلم بعدم رضى الشارع بالاحتياط الكلّي أنّه جعل الظن حجّةً بتمام مراتبه ، بل يحتمل أنّه جعل خصوص الظن القوي حجّة. ومجرد احتمال عدم جعل الظن الضعيف حجّة كافٍ في الحكم بعدم الحجّية ، فلابدّ من الاقتصار على القدر المتيقن والعمل بالظن القوي ، وإن لم يكن وافياً بمعظم الفقه ـ بحيث يلزم من الرجوع إلى الاصول في غير موارد العلم وهذا النوع من الظن محذور المخالفة القطعية ـ يعمل بالظن الأضعف منه الأقوى من غيره ، وإن لم يكن هو أيضاً وافياً يتنزل إلى الأضعف منه ، وهكذا. هذا كلّه على الكشف.
وأمّا على الحكومة : فالأمر كذلك ، فتكون النتيجة مطلقة بالنسبة إلى