فإنّه على مسلكنا من أنّ معنى الحجّية جعل غير العلم علماً بالتعبد ، يكون الظن المذكور حجّة باعتبار أثر واحد وهو جواز الاخبار بمتعلقه ، فإذا قام ظن خاص على قضيّة تاريخية أو تكوينية جاز لنا الاخبار بتلك القضيّة بمقتضى حجّية الظن المذكور ، لأنّ جواز الاخبار عن الشيء منوط بالعلم به ، وقد علمنا به بالتعبد الشرعي.
وهذا بخلاف مسلك صاحب الكفاية قدسسره فإن جعل الحجّية لشيء بمعنى كونه منجّزاً ومعذّراً لا يعقل إلاّفيما إذا كان لمؤداه أثر شرعي وهو منتفٍ في المقام ، إذ لا يكون أثر شرعي للموجودات الخارجية ولا للقضايا التاريخية ليكون الظن منجّزاً ومعذّراً بالنسبة إليه. وأمّا جواز الاخبار عن شيء فهو من آثار العلم به لا من آثار المعلوم بوجوده الواقعي ، ولذا لا يجوز الاخبار عن شيء مع عدم العلم به ولو كان ثابتاً في الواقع ، كما أنّ الأمر في القضاء كذلك ، فانّ الناجي من القضاة هو الذي يحكم بالحق ويعلم أنّه الحق ، وأمّا الذي يحكم بالحق وهو لا يعلم أنّه الحق فهو من الهالكين ، كالذي يحكم بغير الحق سواء علم بأ نّه غير الحق أو لم يعلم على ما في الرواية (١).
وظهر بما ذكرناه أنّه ـ على مسلك صاحب الكفاية قدسسره ـ لا يجوز الاخبار البتي بما في الروايات من الثواب على المستحبات أو الواجبات ، بأن نقول : من صام في رجب مثلاً كان له كذا ، بل لا بدّ من نصب قرينة دالة على أنّه مروي عنهم عليهمالسلام بأن نقول مثلاً : روي أنّه من صام في رجب كان له كذا.
الأمر الثاني : أنّ الظن الذي لم يقم على حجّيته دليل هل يجبر به ضعف
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ٢٢ / أبواب صفات القاضي ب ٤ ح ٦