المؤثر ، إذ الممكن لاينقلب إلى الواجب بعد حدوثه ، بل باقٍ على إمكانه ، والممكن محتاج إلى المؤثر دائماً ، وعليه فالرفع أيضاً يزاحم المقتضي في تأثيره في الأكون المتجددة ، وهذا هو الدفع. نعم ، على القول بكفاية علّة الحدوث في البقاء ، وأنّ المعلول في بقائه مستغن عن المؤثر ، كان الرفع مغايراً للدفع ، لكنّه باطل على ما ذكر في محلّه. هذا ملخص كلامه قدسسره.
وهو وإن كان صحيحاً في نفسه ، فانّ الممكن يحتاج إلى المؤثر حدوثاً وبقاءً على ما تقدّم تحقيقه في بحث الضد (١) ، إلاّ أنّه بحث فلسفي لا ربط له بالمقام ، ولا يفيد في دفع الاشكال ، لأنّ احتياج الممكن إلى المؤثر حدوثاً وبقاءً ، وكون إعدام الشيء الموجود أيضاً منعاً عن تأثير المقتضي ، لا يستلزم اتحاد مفهوم الرفع والدفع لغة ، لامكان أن يكون الرفع موضوعاً لخصوص المنع عن تأثير المقتضي بقاءً ، بعد فرض وجود المقتضى وحدوثه ، والدفع موضوعاً للمنع عن التأثير حدوثاً. وبالجملة : ما ذكره بحث فلسفي لا ربط له بالبحث اللغوي ومفهوم اللفظ.
والتحقيق أن يجاب عن هذا الاشكال بأحد وجهين :
أحدهما : أن يقال : إنّ إطلاق الرفع في الحديث الشريف إنّما هو باعتبار ثبوت تلك الأحكام في الشرائع السابقة ولو بنحو الموجبة الجزئية ، ويستظهر ذلك من اختصاص الرفع في الحديث بالامّة.
ثانيهما : أن يكون إطلاق الرفع في الحديث بنحو من العناية ، باعتبار أنّه وإن وضع لازالة الشيء الموجود ، إلاّ أنّه صحّ استعماله فيما إذا تحقق المقتضي مع مقدّمات قريبة لوجود الشيء فزاحمه مانع عن التأثير ، مثلاً إذا تحقق المقتضي
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٢ : ٣١٣