أمّا القرينة المشتركة : فهي قوله عليهالسلام : «بعينه» فانّه ظاهر في الاختصاص بالشبهة الموضوعية ، وذلك لأنّ حمل هذه الكلمة على التأكيد ـ بأن يكون المراد منها تأكيد النسبة والاهتمام بالعلم بالحرمة ـ خلاف الظاهر ، إذ الظاهر أن يكون احترازاً عن العلم بالحرام لا بعينه ، ولا ينطبق ذلك إلاّعلى الشبهة الموضوعية ، إذ لا يتصور العلم بالحرام لا بعينه في الشبهة الحكمية ، فانّه مع الشك في حرمة شيء وحلّيته لا علم لنا بالحرام لا بعينه.
وبعبارة اخرى : العناوين الكلّية إمّا أن تكون معلومة الحرمة أو لا تكون كذلك. فعلى الأوّل تكون معلومة الحرمة بعينها ، وعلى الثاني لا علم بالحرمة أصلاً. نعم ، يتصور العلم بالحرام لا بعينه في الشبهة الحكمية مع العلم الاجمالي بالحرمة ، ومن الظاهر أنّ هذه الأحاديث لاتشمل أطراف العلم الاجمالي بالحرمة ، إذ جعل الترخيص في الطرفين مع العلم بحرمة أحدهما إجمالاً ممّا لا يمكن الجمع بينهما ثبوتاً ويتناقضان ، على ما سنتكلّم فيه في مبحث الاشتغال (١) إن شاء الله تعالى.
وأمّا الشبهة الموضوعية : فلا ينفك الشك فيها عن العلم بالحرام لا بعينه ، فانّا إذا شككنا في كون مائع موجود في الخارج خمراً ، كان الحرام معلوماً لا بعينه ، إذ نعلم إجمالاً بوجود الخمر في الخارج المحتمل انطباقه على هذا المائع فيكون الحرام معلوماً لا بعينه ، ولكن هذا العلم لا يوجب التنجيز لعدم حصر أطرافه ، وعدم كون جميعها في محل الابتلاء ، فما ابتلي به من أطرافه محكوم بالحلية ما لم يعلم أنّه حرام بعينه.
أمّا القرينة المختصّة بالموثقة فهي أمران : الأوّل : كون الأمثلة المذكورة فيها
__________________
(١) راجع ص ٤٠٤ ـ ٤٠٥