من قبيل الشبهة الموضوعية ، فهي قرينة على اختصاص الموثقة بالشبهة الموضوعية. ولا أقل من احتمال القرينية ، فلا ينعقد لها ظهور في الشمول للشبهات الحكمية. الثاني : قوله عليهالسلام : «أو تقوم به البيّنة» ، بناءً على أنّ المراد منها هي البيّنة المصطلحة وهي إخبار العدلين ، فانّ اعتبار البيّنة المصطلحة إنّما هو في الموضوعات ، وأمّا الأحكام فيكفي فيها خبر الواحد ، فقوله عليهالسلام : «أو تقوم به البيّنة» قرينة أو صالح للقرينية على إرادة خصوص الشبهة الموضوعية ، فيكون المراد أنّ الأشياء الخارجية كلّها على الاباحة حتّى تظهر حرمتها بالعلم الوجداني أو تقوم بها البيّنة. ولا بدّ حينئذ من الالتزام بتخصيص هذا العموم بعدّة امور قد ثبت من الخارج ارتفاع الحلية بها ، كالاقرار وحكم الحاكم والاستصحاب. وأمّا بناءً على أنّ المراد من البيّنة هو معناها اللغوي أي ما يتبين به الشيء ، فيكون المراد منها مطلق الدليل ، كما قوّيناه أخيراً. وهذا المعنى هو المراد في الآيات والروايات ، كقوله تعالى : «أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي» (١) فلا قرينية لقوله عليهالسلام : «أو تقوم به البيّنة» على إرادة خصوص الشبهات الموضوعية ، إذ المراد حينئذ أنّ الأشياء كلّها على الاباحة حتّى تستبين أي تتفحّص وتستكشف أنت حرمتها ، أو تظهر حرمتها بقيام دليل من الخارج بلا تفحص واستكشاف ، ولا يلزم تخصيص في الموثقة على هذا المعنى ، لأنّ البيّنة المصطلحة والاقرار وحكم الحاكم والاستصحاب وغيرها من الأدلة كلّها داخل في البيّنة بهذا المعنى.
هذا كلّه على تقدير تسليم دلالة الموثقة على أصالة الاباحة في مشكوك الحرمة ، ويمكن أن يقال : إنّها أجنبية عنها بالكلّية ، لأنّ الأمثلة المذكورة فيها كلّها من قبيل الشبهة الموضوعية ، وليست الحلية في شيء منها مستندة إلى
__________________
(١) هود ١١ : ٢٨