أصالة البراءة وأصالة الحل ، فانّها في الثوب والعبد مستندة إلى اليد ، وهي من الأمارات ، وفي المرأة مستندة إلى الاستصحاب ، أي أصالة عدم تحقق الرضاع بينهما ، فانّه أمر حادث مسبوق بالعدم. هذا عند احتمال كونها اختاً له من الرضاعة ، وكذا الحال عند احتمال كونها اختاً له من النسب ، فانّ مقتضى الأصل عدم كونها اختاً له بناءً على ما قوّيناه في محلّه (١) من جريان الأصل في الأعدام الأزلية ، وعليه فلا يخلو الأمر في قوله عليهالسلام : «كل شيء حلال» من أوجه ثلاثة :
١ ـ أن يكون المراد منه هو خصوص الحلية المستندة إلى دليل غير أصالة الاباحة ، مثل اليد والاستصحاب ونحوهما كما تقدّم.
٢ ـ أن يكون المراد منه خصوص الحلية المجعولة للشاك المعبّر عنها بأصالة الاباحة.
٣ ـ أن يكون المراد منه معناها اللغوي ، وهو الارسال وعدم التقييد في مقابل المنع والحرمان ، وهو أعم من الحلية المستفادة من الدليل والحلية المستندة إلى أصالة الحل ، ودلالة الموثقة على أصالة الحل متوقفة على ظهورها في الاحتمال الثاني أو الثالث ، وهو غير ثابت ولا سيّما الاحتمال الثاني فانّه خلاف الظاهر ، إذ عليه يكون ذكر الأمثلة من باب التنظير ، وظاهر الكلام وسوق العبارة أنّ ذكر الأمثلة إنّما هو من باب انطباق الكبرى على الصغريات ، لا من باب التنظير.
وأمّا القرينة المختصّة بغير الموثقة : فهي قوله عليهالسلام : «فيه حلال وحرام» فانّه ظاهر في الانقسام الفعلي ، بمعنى أن يكون قسم منه حلالاً وقسم
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٤ : ٣٦٠