يقال : كل جسم ساكن حتّى يتحرك. وكذا المعنى الثاني ، فانّه وإن كان صحيحاً في نفسه ، إذ مفاد الرواية حينئذ : أنّ الناس غير مكلفين بالسؤال عن حرمة شيء ووجوبه في زمانه صلىاللهعليهوآله بل هو صلىاللهعليهوآله يبيّن الحرام والواجب لهم ، والناس في سعةٍ ما لم يصدر النهي منه صلىاللهعليهوآله ولذا ورد في عدّة من الروايات المنع عن السؤال :
منها : ما ورد في الحج من أنّه صلىاللهعليهوآله سئل عن وجوبه في كل سنة وعدمه فقال صلىاللهعليهوآله : «ما يؤمنك أن أقول نعم ، فإذا قلت نعم يجب ...» (١).
وفي بعضها : «أنّ بني إسرائيل هلكوا من كثرة سؤالهم» (٢) ، فمفاد الرواية أنّ الناس ليس عليهم السؤال عن الحرام في عصر النبي صلىاللهعليهوآله بل كل شيء مطلق ومباح ما لم يصدر النهي عنه من الشارع ، بخلاف غيره من الأزمنة ، فانّ الأحكام قد صدرت منه صلىاللهعليهوآله فيجب على المكلفين السؤال والتعلم ، كما ورد في عدّة من الروايات (٣) فاتّضح الفرق بين عصر النبي صلىاللهعليهوآله وغيره من العصور من هذه الجهة.
إلاّأنّ هذا المعنى خلاف ظاهر الرواية ، فان ظاهر قوله عليهالسلام : «كل شيء مطلق» هو الاطلاق الفعلي والاباحة الفعلية ، بلا تقييد بزمان دون زمان ، لا الاخبار عن الاطلاق في زمان النبي صلىاللهعليهوآله وأنّ كل شيء كان مطلقاً في زمانه ما لم يرد النهي عنه ، فتعيّن أن يكون المراد من الاطلاق هي
__________________
(١) بحار الأنوار ٢٢ : ٣١
(٢) بحار الأنوار ١ : ٢٢١ و ٢٢٤ / كتاب العلم ب ٧ ح ٢ و ١٦ (باختلاف يسير)
(٣) الوسائل ٢٧ : ٦٤ و ٦٥ / أبواب صفات القاضي ب ٧ ح ٨ و ٩ وغيرهما