الاستدلال بها للمقام ، وذكر كل منهما وجهاً لذلك غير ما ذكره الآخر. أمّا صاحب الكفاية قدسسره (١) فذكر أنّه يحتمل أن يكون المراد من الورود الذي جعل غاية للاطلاق هو صدور الحكم من المولى وجعله ، لا وصوله إلى المكلف ، فيكون مفاد الرواية أنّ كل شيء لم يصدر فيه نهي ولم تجعل فيه الحرمة فهو مطلق. وهذا خارج عن محل الكلام ، فانّ الكلام فيما إذا شكّ في صدور النهي من المولى وعدمه ، فيكون التمسك فيه بالرواية من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
وفيه : أنّ الورود وإن صحّ استعماله في الصدور ، إلاّأنّ المراد به في الرواية هو الوصول ، إذ على تقدير أن يكون المراد منه الصدور لا مناص من أن يكون المراد من الاطلاق في قوله عليهالسلام : «كل شيء مطلق» هو الاباحة الواقعية ، فيكون المعنى أنّ كل شيء مباح واقعاً ما لم يصدر النهي عنه من المولى ، ولا يصح أن يكون المراد من الاطلاق هي الاباحة الظاهرية ، إذ لايصح جعل صدور النهي من الشارع غايةً للاباحة الظاهرية ، فانّ موضوع الحكم الظاهري هو الشك وعدم وصول الحكم الواقعي إلى المكلف ، فلا تكون الاباحة الظاهرية مرتفعة بمجرد صدور النهي من الشارع ولو مع عدم الوصول إلى المكلف ، بل هي مرتفعة بوصوله إلى المكلف ، فلا مناص من أن يكون المراد هي الاباحة الواقعية ، وحينئذ فامّا أن يراد من الاطلاق الاباحة في جميع الأزمنة أو الاباحة في خصوص عصر النبي صلىاللهعليهوآله لا سبيل إلى الأوّل ، إذ مفاد الرواية على هذا أنّ كل شيء مباح واقعاً حتّى يصدر النهي عنه من الشارع. وهذا المعنى من الوضوح بمكان كان بيانه لغواً لا يصدر من الإمام عليهالسلام فانّه من جعل أحد الضدّين غايةً للآخر ، ويكون من قبيل أن
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٤٢