الواقعية وسلسلة معلولاتها ، فتكون تلك الأوامر إرشادية ، توضيحه : أنّ الحكم العقلي إن كان في مرتبة علل الأحكام وملاكاتها ، فيستتبع الحكم المولوي ، وإن كان في مرحلة الامتثال المترتب على ثبوت الحكم الشرعي كحكمه بلزوم الاطاعة فلا يستتبع الحكم المولوي ، بل يكون الأمر في هذا المقام إرشادياً ، والأمر بالاحتياط من هذا القبيل.
ثمّ ذكر قدسسره أنّه يمكن أن لا يكون الأمر بالاحتياط ناشئاً عن مصلحة إدراك الواقع ، بل يكون ناشئاً عن مصلحة في نفس الاحتياط ، كحصول قوّة للنفس باعثة على الطاعات وترك المعاصي ، وحصول التقوى للانسان ، وإلى هذا المعنى أشار عليهالسلام بقوله : «من ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك» (١) والوجه فيه ظاهر ، فانّ حصول الملكات الحميدة أو المذمومة تدريجي ولترك الشبهات في ذلك أثر بيّن ، وعليه فيمكن أن يكون الأمر بالاحتياط بهذا الملاك ، وهو ملاك واقع في سلسلة علل الأحكام ، فيكون الأمر الناشئ عنه مولوياً.
أقول : أمّا ما ذكره ثانياً من إمكان أن يكون الأمر بالاحتياط مولوياً بملاك حصول التقوى وحصول القوّة النفسانية فمتين جداً.
وأمّا ما أفاده أوّلاً من كون الأمر بالاحتياط إرشادياً لكونه واقعاً في سلسلة معلول الحكم ، ففيه : أنّ مجرد ورود الأمر في مرحلة معلولات الأحكام لايستلزم الارشادية ، فلا يجوز رفع اليد عن ظهور اللفظ في المولوية ، ولايقاس المقام بالأمر بالطاعة ، لأنّ الأمر بالطاعة يستحيل فيه المولوية ولو لم نقل باستحالة التسلسل ، لأنّ مجرد الأمر المولوي ولو لم يكن متناهياً لايكون محرّكاً
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٦١ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٢٧ (في الطبعة القديمة ح ٢٢)