بالتكاليف الاستقلالية ، بناءً على ما ذكرناه في محلّه (١) من جريان البراءة عند الشك في الأقل والأكثر الارتباطيين.
الثالث : أن يكون النهي زجراً عن المجموع ، بحيث لو ترك فرداً واحداً من الطبيعة فقد أطاع ، ولو ارتكب بقية الأفراد بأجمعها في مقابل القسم الثاني ، إذ فيه لو ارتكب فرداً واحداً فقد عصى ، ولو ترك البقية بأجمعها كما تقدّم ، ومن الواضح أنّه في هذا الفرض الثالث يجوز للمكلف ارتكاب بعض الأفراد المتيقنة مع ترك غيره ، فضلاً عن الفرد المشكوك فيه.
وهل يجوز ارتكاب جميع الأفراد المتيقنة وترك خصوص الفرد المشكوك فيه أم لا؟ الظاهر هو الجواز ، لأنّه يرجع إلى الشك في الأقل والأكثر الارتباطيين في المحرّمات ، وهو على عكس الشك في الأقل والأكثر في الواجبات ، فانّ تعلّق التكليف بالأقل عند دوران الواجب بين الأقل والأكثر هو المتيقن ، إنّما الشك في تعلّقه بالزائد ، فيرجع في نفيه إلى البراءة. وأمّا في باب المحرّمات فتعلّق التكليف بالأكثر هو المتيقن ، إنّما الشك في حرمة الأقل ، لأنّ الاتيان بالأكثر ـ أعني الأفراد المتيقنة والفرد المشكوك فيه ـ محرّم قطعاً ، وأمّا ارتكاب ما عدا الفرد المشكوك فيه فحرمته غير معلومة والمرجع هو البراءة.
الرابع : أن يكون النهي متعلقاً بجميع الأفراد الخارجية ، باعتبار أنّ المطلوب أمر بسيط متحصّل من مجموع التروك ، كما لو فرضنا أنّ المطلوب بالنهي عن الصلاة فيما لا يؤكل لحمه هو وقوع الصلاة في غير ما لا يؤكل. وفي هذا الفرض لو شكّ في كون شيء مصداقاً للموضوع كان المرجع قاعدة الاشتغال ، وعدم
__________________
(١) في ص ٤٩٤ وما بعدها