الواقع المنكشف بالقطع لا على نفس القطع كما هو المفروض ، فيكون النظر في الحقيقة إلى الواقع ومؤدى الأمارة. ولحاظ الأمارة والقطع في تنزيل الأمارة منزلة القطع المأخوذ في الموضوع استقلالي ، إذ الأثر مترتب على نفس القطع ، فالجمع بين التنزيلين في دليل واحد يستلزم الجمع بين اللحاظ الآلي والاستقلالي المتعلقين بملحوظ واحد في آن واحد ولا يمكن الجمع بينهما ، فلا يمكن أن يكون دليل واحد متكفلاً لبيان كلا التنزيلين ، وحيث إنّ أدلة حجّية الأمارات ظاهرة بحسب متفاهم العرف في التنزيل من حيث الطريقية ، فلا بدّ من الأخذ به ما لم تقم قرينة على التنزيل من حيث الموضوعية.
وفيه : أنّ تنزيل مؤدى الأمارة منزلة الواقع مبني على القول بالسببية والموضوعية في باب الأمارات ، وهذا المسلك منافٍ لما التزمه صاحب الكفاية قدسسره من أنّ المجعول في باب الأمارات هو المنجزية والمعذرية (١) على ما صرّح به غير مرّة. مضافاً إلى أنّه فاسد في أصله ثبوتاً ، وعدم مساعدة الدليل عليه إثباتاً.
أمّا الأوّل ، فلاستلزامه التصويب الباطل.
وأمّا الثاني ، فلأنّ أدلة حجّية الأمارات ـ وعمدتها سيرة العقلاء ـ لا دلالة لها على جعل الحكم مطابقاً لمؤدى الأمارات أصلاً. وسيجيء الكلام فيه مفصلاً (٢) إن شاء الله تعالى.
وأمّا بناءً على ما اختاره صاحب الكفاية قدسسره من أنّ المجعول في باب الأمارات هو المنجزية والمعذرية ، فلا يلزم من تنزيلها منزلة القطع الجمع
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٧٧ و ٤٠٥ و ٤٧٨
(٢) في ص ١٢٠ وما بعدها