هذا بناءً على عدم حرمة إبطال صلاة الفريضة مطلقاً أو في خصوص المقام من جهة أنّ دليل الحرمة قاصر عن الشمول له ، فانّ عمدة مدركه الاجماع ، والقدر المتيقن منه هو الحكم بحرمة قطع الصلاة التي يجوز للمكلف الاقتصار عليها في مقام الامتثال. وأمّا الصلاة المحكوم بوجوب إعادتها فلا دليل على حرمة قطعها ، وتمام الكلام في محلّه (١).
وأمّا لو بنينا على حرمة قطع الفريضة حتّى في مثل المقام ، لكان الحكم بالتخيير في محلّه ، إلاّ أنّه لا لأجل دوران الأمر بين الجزئية والشرطية ، بل من جهة دوران الأمر بين حرمة الفعل وتركه ، فهو مخيّر بين الفعل والترك وعليه الاعادة على كلا التقديرين. وإن شئت قلت : إنّ لنا في المقام علمين إجماليين :
أحدهما : العلم الاجمالي بثبوت إلزام متعلق بطبيعي العمل المردّد بين ما يؤتى فيه بالجزء المشكوك فيه وما يكون فاقداً له. ثانيهما : العلم الاجمالي بحرمة الجزء المشكوك فيه ووجوبه ، لدوران الأمر فيه بين الجزئية الموجبة لوجوبه والمانعية المقتضية لحرمته ، لكونه مبطلاً للعمل. والعلم الثاني وإن كان لا يترتب عليه أثر ، لعدم التمكّن من الموافقة القطعية ، ولا من المخالفة القطعية فيحكم بالتخيير بين الاتيان بالجزء المشكوك فيه وتركه ، إلاّأنّ العلم الاجمالي الأوّل يقتضي إعادة الصلاة تحصيلاً للفراغ اليقيني.
وأمّا الصورة الثانية : وهي ما يتمكّن المكلف فيه من الامتثال الاجمالي بتكرار الجزء أو بتكرار أصل العمل ، فلا وجه فيها لجواز الاقتصار على الامتثال الاحتمالي ، فيجب عليه إحراز الامتثال ولو إجمالاً. وبالجملة : الحكم بالتخيير إنّما هو مع عدم التمكن من الامتثال العلمي ، ومع التمكّن منه فالاقتصار على الامتثال الاحتمالي يحتاج إلى دليل خاص ، ومع عدمه ـ كما هو المفروض في
__________________
(١) شرح العروة ١٥ : ٥٢٣ فصل في حكم قطع الصلاة