القسم الثاني : التخيير العقلي الثابت في مورد التزاحم كذلك.
القسم الثالث : التخيير العقلي الثابت بضميمة الدليل الشرعي من جهة الاقتصار على القدر المتيقن في رفع اليد عن ظواهر الخطابات الشرعية ، وذلك كما لو ورد عام له إطلاق أحوالي ، كما لو قال : أكرم كل عالم ، الظاهر في وجوب إكرام كل فرد من العلماء تعييناً من غير تقييد باكرام غيره وعدمه ، ثمّ علمنا من الخارج بعدم وجوب إكرام فردين منه معاً كزيد وعمرو مثلاً ، ودار الأمر بين خروجهما عن العموم رأساً بأن لايجب إكرامهما أصلاً ، وخروجهما تقييداً بأن لا يجب إكرام كل منهما عند إكرام الآخر ويجب إكرام كلٍّ منهما عند عدم إكرام الآخر ، ففي مثل ذلك لا بدّ من الاقتصار على القدر المتيقن في رفع اليد عن ظاهر الدليل ، وهو الحكم بعدم إكرام كل منهما عند إكرام الآخر.
وبعبارة اخرى : الدليل العام كما دلّ على وجوب إكرام كل منهما دلّ باطلاقه على وجوب إكرامه حال اكرام الآخر وعدمه ، وقد علمنا من الخارج بعدم إرادة الاطلاق بالنسبة إلى حال إكرام الفرد الآخر ، فيرفع اليد عن هذا الاطلاق.
وأمّا عدم وجوب الاكرام رأساً فهو غير معلوم ، فيؤخذ بظاهر الدليل في ثبوته ، فتكون النتيجة هي التخيير بين إكرام زيد وترك إكرام عمرو وعكسه ، وهذا البيان جارٍ في كل ما إذا دلّ دليلان على وجوب أمرين وعلمنا من الخارج عدم وجوبهما تعييناً ، واحتملنا ثبوت الوجوب لهما تخييراً ، كما لو دلّ دليل على وجوب صلاة الجمعة الظاهر في كونه تعييناً ، ودلّ دليل آخر على وجوب صلاة الظهر كذلك ، فمقتضى القاعدة رفع اليد عن الظهور في الوجوب التعييني المستفاد من الاطلاق ، وحمل كل منهما على الوجوب التخييري.
وبالجملة : كلّما دار الأمر بين رفع اليد عن أصل الحكم ورفع اليد عن إطلاقه كان الثاني هو المتعيّن لأنّه المتيقن.
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ القسم الأوّل من التخيير غير جارٍ في المقام ،