وأمّا القسم الأوّل : وهو ما كان بين الأطراف أثر مشترك مع اختصاص أحد الأطراف بأثر خاص ، كما إذا علم إجمالاً بوقوع نجاسة في الاناء الذي فيه ماء مطلق ، أو في الاناء الآخر الذي فيه مائع مضاف ، فانّ أثر النجاسة في كلا الطرفين هو حرمة الشرب ، وهذا هو الأثر المشترك فيه ، لكن الماء المطلق يختص بأثر آخر وهو عدم جواز التوضي به على تقدير وقوع النجاسة فيه ، فلو كانت النجاسة واقعةً في المائع المضاف لا يترتب عليه إلاّحرمة شربه. وأمّا لو كانت واقعة في المطلق ترتب عليه حرمة الشرب وعدم جواز التوضي به ، ففي تنجيز هذا العلم الاجمالي من حيث جميع الآثار أو من حيث الأثر المشترك فيه فقط ، وجهان.
ذهب المحقق النائيني قدسسره إلى الثاني (١) ، بدعوى أنّ الأصل في كل طرف يتعارض بمثله في الطرف الآخر بالنسبة إلى الأثر المشترك فيه ، فيسقط في كل من الطرفين فيكون العلم الاجمالي منجّزاً بالنسبة إليه. وأمّا بالنسبة إلى الأثر المختص ببعض الأطراف ، فيجري فيه الأصل بلا معارض ، ففي المثال المتقدم لا يجوز شرب المائع المضاف ولا شرب الماء المطلق ، ولكن لا مانع من التوضي به.
والتحقيق أنّ العلم الاجمالي منجّز بالنسبة إلى جميع الآثار ، وذلك لأنّ جواز التوضي به متفرّع على جريان قاعدة الطهارة فيه ، فإذا فرض عدم جريانها للمعارضة ، فلا طريق للحكم بطهارته كي يجوز التوضي به ، فانّ نفس احتمال نجاسة الماء مانع عن التوضي به لو لم يكن ما يوجب الحكم بطهارته ظاهراً.
هذا كلّه في فرض تعدد الموضوع وتحقق العلم الاجمالي بثبوت حكم واحد
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٤٢٩ ، فوائد الاصول ٤ : ٥٠