من الطرفين. وفصّل شيخنا الأنصاري قدسسره (١) بين ما إذا كان الملاك في الأمر المتأخر تاماً من الآن ، وما إذا لم يكن كذلك.
وتحقيق الحال بحيث تتّضح كيفية الاستدلال لجميع الأقوال يستدعي ذكر مقدّمة ، وهي أنّ تأخّر التكليف قد يكون مستنداً إلى عدم إمكانه فعلاً مع تمامية المقتضي له ، كما إذا تعلّق النذر بأمر متأخر بناءً على استحالة الواجب التعليقي ، فانّ الفعل المنذور يتّصف فعلاً بالاشتمال على الملاك الملزم بتعلّق النذر به ، إلاّأنّ الأمر بالوفاء مشروط بمجيء زمانه بناءً على استحالة الأمر الفعلي بالشيء المتأخر ، وقد يكون مستنداً إلى عدم تمامية المقتضي لعدم تحقق ما له دخل في تماميته ، وهذا كأكثر الشرائط التي تتوقف عليها فعلية التكليف ، كما إذا علمت المرأة بأ نّها تحيض ثلاثة أيام مرددة بين جميع أيام الشهر ، فلا علم لها بالتكليف الفعلي ولا بملاكه التام ، لعدم العلم بالحيض فعلاً المترتب عليه التكليف وملاكه.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ من نظر إلى أنّ تنجيز العلم الاجمالي متوقف على كونه متعلقاً بالتكليف الفعلي ، اختار عدم تنجيزه في المقام وجواز الرجوع إلى الاصول في جميع الأطراف ، إذ المفروض تردد التكليف فيه بين أن يكون فعلياً وأن يكون مشروطاً بشرط غير حاصل ، فلا علم بالتكليف الفعلي ، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل بالنسبة إلى الطرف المبتلى به فعلاً ، كما لا مانع منه بالنسبة إلى الطرف الآخر في ظرف الابتلاء به.
ونظر شيخنا الأنصاري قدسسره إلى أنّ العلم بالملاك التام الفعلي بمنزلة
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٤٢٦ و ٤٢٧