له للقطع بالحلية فيه كما تقدّم.
وها هنا شبهة : وهي أنّ التكليف الواقعي وإن لم يكن مانعاً من جريان الأصل ، إلاّ أنّه بعد العلم به تترتب آثاره من حين حدوثه لا من حين العلم به ، كما هو الحال في العلم التفصيلي فانّه لو علمنا بأنّ الماء الذي اغتسلنا به للجنابة قبل اسبوع مثلاً كان نجساً ، يجب ترتيب آثار نجاسة الماء المذكور من حين نجاسته لا من حين العلم بها ، فيجب الاتيان بقضاء الصلوات التي أتينا بها مع هذا الغسل ، وكذا سائر الآثار المترتبة شرعاً على نجاسة الماء المذكور.
ففي المقام أيضاً لا مناص من ترتيب آثار التكليف من حين حدوثه لا من حين انكشافه ، وحينئذ لمّا كان حدوث التكليف قبل الاضطرار ، فلا بدّ من اعتبار وجوده قبله ولو كان منكشفاً بعده ، وعليه فبعد طروء الاضطرار نشك في سقوط هذا التكليف الثابت قبل الاضطرار لأجل الاضطرار ، لأنّه لو كان في الطرف المضطر إليه فقد سقط بالاضطرار ، ولو كان في الطرف الآخر كان باقياً لا محالة ، فيرجع إلى استصحاب بقاء التكليف أو قاعدة الاشتغال على خلاف بيننا وبين المحقق النائيني (١) قدسسره وعلى كل تقدير لا مجال للرجوع إلى أصالة البراءة في الطرف غير المضطر إليه. وبالجملة : بعد العلم بثبوت التكليف قبل الاضطرار والشك في سقوطه له يحكم بوجوب الاجتناب عن الطرف الآخر لأجل الاستصحاب أو لقاعدة الاشتغال.
والجواب عن هذه الشبهة : أنّ المقام ليس مجرى للاستصحاب ولا لقاعدة الاشتغال ، فانّ الاستصحاب أو القاعدة إنّما يجريان فيما إذا كانت الاصول في أطراف العلم الاجمالي ساقطة بالمعارضة ، كما في الشك في بقاء الحدث المردد
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٤٥٤ و ٤٥٥ ، فوائد الاصول ٤ : ٩٤